منها موضوعا لحكم على حدة، و المجموعي عبارة عن ورود الحكم عليها بحيث يكون المجموع ذا حكم واحد، لا أن يتعدّد بتعدّدها كما في الأوّل، و هذا يختلف في الحكم الإيجابي و السلبي كما سنشير إليه.
ثمّ إنّه هل يكون أحد القسمين هو الأصل في العموم أو لا أصل في البين؟
قد يدّعى أن الأصل هو العموم المجموعي، نظرا إلى أنّ العموم ليس إلّا بمعنى الشمول و الجميع، و هما ظاهران في كون الأفراد أجزاء و ملحوظة بنحو الاجتماع، فحينئذ لحاظ الاستقلال في الأفراد يحتاج إلى عناية زائدة.
و فيه: أنّ المجموعيّة تحتاج إلى عناية زائدة و ليس ما يدلّ عليها شيئا.
إن قلت: كيف ليس ما يدلّ عليها شيئا مع أنّ الدالّ على العموم لا يخلو عن أحد الامور الثلاثة من اسم أو حرف أو سياق؟
أمّا الأوّل؛ و هو لفظة «كلّ» فليس معناه إلّا عبارة عن التمام و الجميع، و هكذا «الألف و اللام» الداخلة على الجمع، حيث إنّ نفس الجمع يدلّ على الجماعة الّتي ذات مراتب أقلّها الثلاثة أو الاثنين، و أكثرها ما لا حدّ له، و دخول «اللام» عليه يوجب تعيّن أعلى المراتب، و هذا ليس إلّا المجموع.
و أمّا النكرة في سياق النفي فكذلك، إذ النكرة في سياق الإثبات مفادها الطبيعة، و نفيها بانتفاء أصل الطبيعة، و هكذا كلّ ما يرجع إلى أحد الثلاثة الّتي هي الأصل في العموم، ففي جميعها مقتضى الطبع الأوّلي هو العامّ المجموعي و الاستغراقي منه يحتاج إلى عناية زائدة.
قلت: أمّا لفظة «كلّ» فدلالتها على الشمول بنحو الإحاطة و إن كان كما ذكر، إلّا أنّه لا إشكال في أنّ ذلك إنّما يكون من جهة كون مفادها «كلّ واحد»