أنّ ما يرد عليه النفي و الإثبات معنى واحد، و حمل العصيان الأوّل على ما هو الأجنبي لا يساعده السياق كما هو الواضح، فعلى هذا يتعيّن المعنى الثاني.
و حاصله: أنّه تارة يكون عصيان الشارع من حيث شارعيّته، كما في ارتكاب المحرّمات الشرعيّة، و اخرى يكون بواسطة تضييع حقّ العباد الّذي أمر اللّه تعالى سبحانه بأداء حقّهم كالعبيد بالنسبة إلى مواليهم و الأولاد بالنسبة إلى الوالدين، و غير ذلك من موارد الحقّ، فالعصيان الثاني و إن كان يرجع إليه تعالى أيضا إلّا أنّه ليس كالأوّل بل فيه الحقّ لغيره سبحانه و يدور مداره، فحينئذ معنى «لم يعص اللّه» أي لم يعص من حيث شارعيّته و من جهة حقّ نفسه، و معنى «و إنّما عصى سيّده» مخالفته و عدم رعاية حقّه، فالأمر بيده فإن لم يجز فيبطل.
فعلى كلّ حال؛ العصيان و المخالفة مقتض للفساد، غايته أنّه قد يكون قابلا لتحقّق المانع كما في عصيان العباد لإمكان الاقتران بالإجازة، و قد لا يكون كما في عصيان اللّه تعالى، إذ لا معنى للإجازة بالنسبة إليه سبحانه.
فعلى هذا؛ تصير الرواية مؤيّدة لما ذكرنا من أنّ مقتضى القاعدة عدم الفساد في النواهي المتعلّقة بنفس المعاملات، بل تصير دليلا لما عليه المشهور أيضا من جريان الفضولي في الحقوق أيضا، و عدم اختصاصه بالمعاملات المتعلّقة بالرقبات، كما ادّعاه صاحب «المقابس» (رحمه اللّه) [1].
و بالجملة؛ فالحقّ ما عليه جماعة من الأصحاب [2]- (قدّس اللّه أسرارهم)- من بطلان المعاملات المتعلّق بها النهي كبيع المصحف إلى الكافر، حيث إنّه بنوا في