بالأوّل فقط، و إن أصرّ عليه صاحب «الجواهر» (قدّس سرّه) [1] و لمّا كان الثاني مفقودا في الفرد المبتلى بالمزاحم فلذلك لا يجزي، إذ و إن كانت ماهيّة الغصب و الصلاة متباينة، إلّا أنّهما بالتركيب لمّا اجتمعا في وجود واحد و تحقّقا بإيجاد فارد و يكون بينهما التلازم من قبيل التلازم بين المادّة و الصورة، و المفروض أنّ أحد الجزءين و الوجودين مبغوض، فالإيجاد يصير مبغوضا، بحيث لا يمكن أن يتقرّب به الفاعل، فلذلك يمنع عن تحقّق الامتثال، ضرورة أنّ العبادة لا بدّ فيها من قصد القربة.
و بالجملة؛ القبح الفاعلي في صورة العلم يمنع عن الامتثال و لو كان الملاك محقّقا، و نفس الوجود الصلاتي لا منقصة فيه، فعلى هذا يتمّ ما هو المسلّم عند الأصحاب من عدم صحّة الصلاة مع العلم بالغصب، حيث عرفت من أنّه لا يمكن تصحيحها بوجه أصلا و اختصّت الصحّة بما إذا جهل أو نسي، كما بنوا عليه أيضا، و وجهه واضح حيث إنّه بعد أن تحقّق دخول المسألة في باب التزاحم.
و من المعلوم؛ أنّ التزاحم فرع تنجّز الخطابين حتّى يشغل كلّ منهما قدرة المكلّف، و إذا جهل أحد الخطابين فلمّا لم يتنجّز فليس شاغلا لنفسه، فعدم شاغليّته للغير و عدم مزاحمته له أولى، فحينئذ يتنجّز الخطاب الآخر المعلوم، فالخطاب الصلاتي يؤثّر و يصير فعليّا لتماميّة القدرة بالنسبة إليه؛ لعدم تنجّز النهي عن الغصب.
هذا كلّه فيما لو كان في البين مندوحة؛ و قد اتّضح لك سرّ ما أشرنا إليه في صدر الباب أنّ أخذهم قيد المندوحة في عنوان البحث يستكشف منه فراغهم