عن إشكالاتهم على النراقي، أورد إشكالًا مستقلًا عليه و هو أنَّ الموضوع إن كان هو الشيء فلا يجري استصحاب عدم وجوبه الأزلي لأنَّ اليقين السابق قد زال قطعاً لوجوب الشيء قبل ذلك الزمان. و إن كان هو الشيء المتقيد بالزمان فلا يجري استصحاب وجوب الشيء لعدم يقين سابق و حيث لا منافاة بين وجوب الشيء و عدم وجوبه المتقيد بالزمان فيجتمع الأمران و لا تعارض.
و جرى (قدس سره) على هذه الوتيرة في الرد على الشيخين الأنصاري و الحائري رحمهما اللَّه تعالى فأفاد أنَّ التقدّم الطبعي و الرتبي خارجان عمّا يفهمه العرف من قوله (عليه السلام):
(لا ينقض اليقين بالشك)
لأنّهم يفهمون منه التقدّم الخارجي. و نظراً لتأصّل الحس العرفي في نفسه الشريفة لم يجد بُدّاً من أن يقول بأنَّ العرف الدقيق كما يكون مرجعاً في تحديد المفاهيم كذا فهو مرجع في تشخيص مصاديقها.
و انظر إلى تحقيقه في الجواب عمّا اشتهر من عدم جواز التمسك بعمومات أدلّة القرعة إلّا في موارد عمل الأصحاب، بدعوى كثرة المخصصات المُستهجنة الواردة عليها، حيث أفاد أنَّ مصب عمومات القرعة هو التنازع و تزاحم الحقوق، فيكون الأصحاب عاملين بعمومها فأين التخصص الكثير المُستهجن؟!
هذا بعض ما نستطيع تقديمه في هذا المختصر ممّا لاح لنا من نظرات استجليناها، و إلّا فالقارئ الفطن اللبيب يتمكن من أن يستشف ملامح الفكر المُبدع الدّفاق بالثراء العلمي و ما احتواه من إبداعات و مواهب غنية كل الغنى في كلِّ ما يرجع إلى الموضوع.