responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 77

انعكاس عقلي للأوضاع الاقتصادية ، والعلاقات الاجتماعية ، التي يعيشها وهو ينمو ويتطوّر، طبقاً لتطوّر تلك الأوضاع والعلاقات .

وعلى هذا الأساس شيّدت الماركسية نظريّتها في المعرفة ، وقالت بالنسبية التطوّرية ، وأنّ المعرفة ما دامت وليدة ظروفها الاقتصادية والاجتماعية فهي ذات قيمة نسبية محدودة بتلك الظروف ، ومتطوّرة تبعاً لها . فلا توجد حقيقة مطلقة ، وإنّما تتكشف الحقائق بشكلٍ نسبي من خلال العلائق الاجتماعية ، وبالمقدار الذي تسمح به هذه العلائق .

هذه هي النتيجة التي وصلت إليها المادّية التأريخية في تحليل المجتمعات ، وهي النتيجة التي كان لا بدّ لها أن تصل إليها ؛ وفقاً لطريقة فهمها للمجتمع والتأريخ .

وبالرغم من وصول الماركسية إلى هذه النتيجة في تحليلها الاجتماعي ، أبت أن تطبّق هذه النتيجة على نظريتها التأريخية نفسها . فنادت بالمادّية التأريخية كحقيقة مطلقة ، وأعلنت على قوانينها الصارمة بوصفها القوانين الأبدية التي لا تقبل التغيير والتعديل ، ولا يصيبها شيء من عطل أو عجز في المجرى التأريخي الطويل للبشرية . حتى كان المفهوم الماركسي للتأريخ نقطة انتهاء للمعرفة البشرية كلّها ، ولم تكلّف الماركسية نفسها أن تتساءل : من أين نشأ هذا المفهوم الماركسي ؟ أو أن تخضعه لنظريتها العامة في المعرفة . ولو كلّفت الماركسية نفسها شيئاً من ذلك ـ كما يحتّمه عليها الحساب العلمي ـ لاضطرّت إلى القول : بأنّ المادّية التأريخية بوصفها نظرية معينة قد انبثقت من خلال العلاقات الاجتماعية والاقتصادية . فهي ككلّ نظرية أخرى نابعة من الظروف الموضوعية التي تعيشها .

وهكذا نجد كيف أنّ المادّية التأريخية تحكم على نفسها ، من ناحية أنّها تعتبر كلّ نظرية انعكاساً محدوداً للواقع الموضوعي الذي تعيشه ، ولا تعدو هي

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 77
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست