إنّ الاكتشافات التي مرّت عن نظرية توزيع ما بعد الإنتاج تقرّر بوضوح : أنّ النظرية لا تعترف بالمخاطرة بوصفها عاملاً من عوامل الكسب ، وليس في ألوان الكسب التي سمحت بها النظرية ما يستمدّ مبرّره النظري من عنصر المخاطرة .
فإنّ المخاطرة في الحقيقة ليست سلعة يقدّمها المخاطر إلى غير ليطالب بثمنها ، ولا عملاً ينفقه المخاطر على مادة ليكون من حقّه تملّكها أو المطالبة بأجر على ذلك من مالكها ، وإنّما هي حالة شعورية خاصة تغمر الإنسان وهو يحاول الإقدام على أمر يخاف عواقبه ، فإمّا أن يتراجع انسياقاً مع خوفه ، وإمّا أن يتغلّب على دوافع الخوف ويواصل تصميمه ، فيكون هو الذي رسم لنفسه الطريق ، واختار بملء إرادته تحمّل مشاكل الخوف بالإقدام على مشروع يحتمل خسارته مثلاً ، فليس من حقّه أن يطالب بعد ذلك بتعويض مادّي عن هذا الخوف مادام شعوراً ذاتياً وليس عملا مجسّداً في مادّة ولا سلعة منتَجة .
صحيحٌ أنّ التغلّب على الخوف في بعض الأحيان قد يكون ذا أهمّية كبيرة