النتيجة التي أدّى إليها الصراع السابق ، فتنتصر قوى الإنتاج على علاقات المِلكية ، وبالتالي تنتصر الطبقة الحليفة لها ، ويتغير تبعاً لذلك الوضع الاقتصادي ، وكل الأوضاع الاجتماعية .
وهكذا ، فإنّ علاقات المِلكية ، والأوضاع الاقتصادية ، تظلّ محتفظة بوجودها الاجتماعي ما دامت القوى المنتِجة تتحرّك ضمنها وتنمو ، فإذا أصبحت عقبة في هذا السبيل أخذت التناقضات تتجمّع حتى تجد حلّها في انفجار ثوري ، تخرج منه وسائل الإنتاج منتصرة وقد حطّمت العقبة من أمامها ، وأنشأت وضعاً اقتصادياً جديداً ، لتعود بعد مدّة من نموّها ، إلى مصارعته من جديد ؛ طبقاً لقوانين الديالكتيك ، حتى يتحطّم ويندفع التأريخ إلى مرحلة جديدة .
المادّية التأريخية والصفة الواقعة :
وقد دأب الماركسيون على القول بـ : أنّ المادّية التأريخية هي الطريقة العلمية الوحيدة لإدراك الواقع الموضوعي ، التي قفزت بالتأريخ إلى مصافّ العلوم البشرية الأخرى ، كما حاول بعض الكتّاب الماركسيين ـ بإصرار ـ اتهام المناوئون للمادّية التأريخية والمعارضين لطريقتها ، في تفسير الإنسان المجتمعي : بأنّهم أعداء علم التأريخ ، وأعداء الحقيقة الموضوعية ، التي تدرسها المادّية التأريخية وتفسّرها . ويبرّر هؤلاء اتهامهم هذا بـ : أنّ المادّية التأريخية تقوم على أمرين :
أحدهما: الإيمان بوجود الحقيقة الموضوعية .
والآخر : أنّ الأحداث التأريخية لم تُخلق صدفة ، وإنّما وُجدت وفقاً لقوانين عامة يمكن دراستها وتفهّمها . فكلّ معارضة للمادّية التأريخية مردّها إلى المناقشة في هذين الأمرين .