يمارس الناس في حياتهم الاجتماعية عمليتين مختلفتين :
إحداهما : عملية الإنتاج .
والأخرى : عملية التوزيع .
فهم من ناحية يخوضون معركة مع الطبيعة في سبيل إخضاعها لرغباتهم ويتسلّحون في هذه المعركة بما تسمح به خبرتهم من أدوات الإنتاج ، ومن ناحية أخرى يقيم هؤلاء الناس بينهم علاقات معيّنة تحدّد صلة الأفراد بعضهم ببعض في مختلف شؤون الحياة ، وهذه العلاقات هي التي نطلق عليها اسم : النظام الاجتماعي . وتندرج فيها علاقات التوزيع للثروة التي ينتجها المجتمع . فالأفراد في عملية الإنتاج يحصلون على مكاسبهم من الطبيعة ، وفي النظام الاجتماعي الذي يحدّد العلاقات بينهم يتقاسمون تلك المكاسب .
وَبَدَهيٌ أنّ عملية الإنتاج في تطوّر وتحوّل أساسيٍّ دائمٍ وفقاً لنمو العلم وعمقه ، فبينما كان يستخدم الإنسان في إنتاجه المحراث أصبح يستخدم الكهرباء والذرّة ، كما أنّ النظام الاجتماعي الذي يحدّد علاقات الناس بعضهم ببعض ـ بما فيها علاقات التوزيع ـ هو الآخر أيضاً لم يتّخذ صيغة ثابتة في تأريخ الإنسان ، بل اتّخذ ألواناً مختلفة باختلاف الظروف وتغيرها .