responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 122

وعملية تغيير كهذه يقوم بها عدد من الناس لا يمكن أن توجد تأريخياً ما لم تسبقها شروط معيّنة ، يمكن تلخيصها في أمرين جوهريين :

إحداهما : الفكر ، فإنّ الكائن الحي لا يستطيع أن يغيّر من شكل الطبيعة بقصد إشباع حاجاته ، فيجعل الحنطة دقيقاً أو الدقيق خبزاً .. ما لم يكن يملك فكراً عن الشكل الذي سوف يمنحه للطبيعة ، فعملية التغيير لا يمكن أن تنفصل ـ بحالٍ ـ عن التفكير فيما ستتمخّض عنه العملية من أشكال وأوضاع للطبيعة لا تزال في ابتداء العمل غيبية . ولأجل هذا لم يكن من الممكن للحيوان أن يقوم بعملية إنتاج ، عملية تغيير حاسم للطبيعة .

والأمر الآخر : هو اللغة بوصفها المظهر المادّي للفكر الذي يتيح للمشتركين في عملية الإنتاج أن يتفاهموا ويتّخذوا موقفاً موحّداً خلال العملية ، فما لم يملك كلّ منتج أداة التعبير عن فكره ، وتفّهم أفكار شركائه في العمل ، لا يستطيع أن ينتج .

وهكذا نجد بوضوح أنّ الفكر ـ بأيّ درجة كان ـ يجب أن يسبق عملية الإنتاج ، وأنّ اللغة ليست نابعة من عملية الإنتاج ، كما تنبع كلّ العلاقات والظواهر الاجتماعية في زعم الماركسية .. وإنّما تنبع من الحاجة إلى تبادل الأفكار ، بوصفها المظهر المادّي للفكر . فلم تنشأ اللغة ـ إذن ـ من القاعدة الرئيسية المزعومة من عملية الإنتاج ، بالرغم من أنّها أهمّ ظاهرة اجتماعية على الإطلاق .. وإنّما كانت هي الشرط الضروري تأريخياً في وجود هذه القاعدة المزعومة .

وأكبر دليل يمكننا أن نقدّمه على ذلك هو استقلال اللغة في تطوّرها عن الإنتاج وقواه . فلو كانت اللغة وليدة الإنتاج ، وليدة القاعدة المزعومة ، لتطوّرت وتغيّرت تبعاً لتطوّر أشكال الإنتاج وتغيّرها ، كما تتغيّر تبعاً لذلك جميع الظواهر والعلاقات الاجتماعية في رأي الماركسية ، ولا يوجد ماركسيٌّ واحد ـ وحتى

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 122
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست