اعتبر الشارع صيانتها و ترك ما يؤدي إلى فسادها [1] ... الخ» .
و لكن القول بحجيتها هنا لا يجعلها دليلا مستقلا في مقابل العقل، بل هي نفس ما عرضناه سابقا في مبحث حجيته.
و إن لم يكن إدراكه لها كاملا بأن كان قد أدرك المصلحة، و احتمل وجود مزاحم لها يمنع من جعل الحكم، أو احتمل أنها فاقدة لبعض شرائط الجعل كما هو الغالب فيها، بل لا يتوفر الإدراك الكامل إلا في حالات نادرة و هي التي تكون المصلحة ذاتية-كما سبق-فإن القول بحجيتها-أعني هذا النوع من المصالح المرسلة-مما يحتاج إلى دليل، و ليس لدينا من الأدلة ما يصلح لإثبات ذلك، لما قلناه من أن الإدراك الناقص-و هو الذي لا يشكل الرؤية الكاملة-ليست حجيته ذاتية، بل هي محتاجة إلى الجعل و الأدلة غير وافية بإثباته.
و الشك في الحجية كاف للقطع بعدمها لتقومها بالعلم، و قد مرّ إيضاح ذلك كله.
و بهذا يتضح أن الشيعة لا يقولون بالمصالح المرسلة إلا ما رجع منها إلى العقل على سبيل الجزم، كما هو مقتضى مبناهم الذي عرضناه في دليل العقل و ما عداه فهو ليس بحجة، فنسبة الأستاذ الخفيف القول بها إلى الشيعة ليس بصحيح على إطلاقه» .
و مرة ثالثة أكون مع الطالب العزيز راجيا منه أن يشير إلى مواضع عناصر الأسلوب العلمي في هذا البحث.