و هذا يفرض على المتكلم أن يكون ذا ثقافة واسعة ليتوصل إلى تنسيق خطبته، و توضيح الأفكار التي يعالجها، و طريقة عرضها لتتوافق مع المحرضات النفسية و العقلية في الجمهور.
2- من المفروض في الخطيب أن يكون مفيدا جذابا مؤثرا.
و كل هذا يقضي بتمتعه بعدد من الميزات الذهنية و الجسمية و الأخلاقية الضرورية.
و أول ما يطلب منه أن يكون بيّن الذكاء، سريع الخاطر، نافذ الحجة، قادرا على تقليب الأفكار على مختلف وجوهها.
و أن تكون أحكامه صادقة، مفصحة عن الحقيقة، متينة المقدمات و النتائج.
و أن يكون مطلعا على علم النفس لدى الجماهير فيشعر برهافة حسه ما يجب أن يقال، و ما يتحتم أن يهمل.
و أن يدرك حجج الخصم و موقف الجمهور، فيهيء لكل موقف ما يتطلب من حجج و براهين.
و أن يقدم على الهجوم عند الحاجة، و ينكفىء للإنقضاض عند المناسبة المؤاتية.
و أن يغلف أفكاره بأقوال دقيقة المدلول، فكهة حينا، ساخرة أحيانا، آسرة لإنتباه الجمهور.
كما يفرض عليه فن الخطابة أن تكون ذاكرته أمينة، زاخرة بالمعلومات و المعارف و الشواهد.
و أن يكون خياله حادا قادرا على تجسيد الأفكار و المواقف.
و أن يتفرد باحساس رهيف لإثارة العواطف و تحويلها من حالة إلى أخرى، فإذا شاء أشجى جمهوره، و إذا أراد أثار مرحه و ضحكه.
و كل هذه الصفات مجتمعة هي التي تكوّن الخطيب البارع.