قال: فو اللّه اني بين يدي سيدي يكلّمني إذ وافى المغرب فنظرت فاذا سيدي قد فارق الدّنيا فأخذتني حسرة و غصة شديدة فدنوت إليه فاذا قائل من خلفي يقول: مه يا عبد الرحمن، فالتفت فاذا الحائط قد انفرج فاذا أنا بمولاي أبي جعفر (عليه السّلام) و عليه دراعة بيضاء معمّم بعمامة سوداء فقال: يا عبد الرحمن قم الى غسل مولاك فضعه على المغتسل، و غسله بثوبه كغسل رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله).
فلما فرغ، صلّى و صليت معه عليه، ثم قال: لي يا عبد الرحمن أعلم هذا الطاغي ما رأيت لئلا ينقص عليه شيئا و لن يستطيع ذلك.
و لم أزل بين يدي سيدي الى أن انفجر عمود الصبح فاذا أنا بالمأمون قد أقبل في خلق كثير فمنعني هيبته ان أبدأ بالكلام فقال: يا عبد الرحمن بن يحيى ما أكذبكم أ لستم تزعمون انّه ما من امام يمضي إلّا و ولده القائم مكانه يلي أمره. هذا علي بن موسى بخراسان و محمّد ابنه بالمدينة.
قال: فقلت: يا أمير المؤمنين أما اذا ابتدأتني فاسمع انّه لما كان أمس قال لي سيدي كذا و كذا فو اللّه ما حضرت صلاة المغرب حتى قضى، فدنوت منه فاذا قائل من خلفي يقول: مه يا عبد الرحمن.
و حدّثته الحديث، فقال: صفه لي، فوصفته له بحليته و لباسه و أريته الحائط الذي خرج منه. فرمى بنفسه الى الأرض و أقبل يخور كما يخور الثور و هو يقول: ويلك يا مأمون؟ ما حالك و على ما أقدمت؟ لعن اللّه فلانا و فلانا فانّهما أشارا عليّ بما فعلت.
محمد الجواد (عليه السّلام)
و قام أبو جعفر محمد بن علي بن موسى (عليهم السّلام) مقام أبيه.
فروي انّه كان اسم أم أبي جعفر سبيكة فانّها كانت أفضل نساء زمانها.
و روي انّه ولد (عليه السّلام) ليلة الجمعة لإحدى عشر ليلة بقيت من شهر رمضان سنة خمس و تسعين و مائة فلما ولد قال أبو الحسن (عليه السّلام) لأصحابه في تلك الليلة: قد ولد لي شبيه موسى بن عمران (عليه السّلام) فالق البحار قدست أم ولدته فلقد خلقت طاهرة مطهّرة ثم قال: