فروى محمّد بن عيسى عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي قال حدّثني مسافر قال: أمر أبو إبراهيم (عليه السّلام) أبا الحسن (عليه السّلام) حين حمل الى العراق أن ينام على بابه في كلّ ليلة فكنّا في كلّ ليلة نفرش له في الدهليز ثم يأتي بعد عشاء الآخرة فينام فاذا أصبح انصرف الى منزله. و كنّا ربما حبانا الشيء مما يؤكل فيجيء حتى يستخرجه و يعلّمنا انّه قد علم به فمكث على هذه الحال أربع سنين و أبو إبراهيم مقيم معتقل في يد السلطان في حال رفاهية و اكرام.
و كان الرشيد يرجع إليه في المسائل فيجيبه عنها حتى كان من البرامكة ما كان من السعي في قتله و الاغراء به، حتى حبسه الغويّ- يعني الرشيد هارون- في يد السندي ابن شاهك، و لم يزالوا يوقعون الحيلة حتى بعث الغوي الى السندي يأمره أن يقتله بالسمّ و ان يحضره قبل ذلك العدول و القضاة حتى يروه.
و كان الناس اذا دخلوا دار السندي رأوا أبا إبراهيم (عليه السّلام) فيها. فروي ان الناس كثيرا ما يرونه ساجدا فيظنّونه ثوبا ملقى في صفة الدار؛ حتى ثاروا في وقت من الأوقات فسألوا عنه. فقيل لهم: هذا موسى بن جعفر، اذا صلّى الغداة جلس يعقبها حتى تطلع الشمس يقرأ و يسبّح و يدعو ثم يسجد الى أن تزول الشمس.
فأدخل السندي القضاة قبل موته بثلاثة أيام، فأخرجه إليهم و قال لهم: ان الناس يقولون: ان أبا الحسن في يدي في ضنك و ضرر، ها هو ذا صحيح لا علّة به و لا مرض و لا ضرر.
فالتفت (عليه السّلام) فقال لهم: اشهدوا عليّ اني مقتول بالسمّ بعد ثلاثة أيام. فانصرفوا.
و روي من جهات صحيحة: ان السّندي أطعمه السمّ في رطب و انّه أكل منها عشر رطبات فقال له السندي: تزداد؟ فقال له: حسبك قد بلغت ما تحتاج إليه فيما أمرت به.
و كان السمّ ممّا يتلف بعد ثلاثة أيام. ثم أحضر القضاة و العدول و أراهم إيّاه فقال (عليه السّلام):
اشهدوا اني صحيح الظاهر لكنّي مسموم سأحمر في هذا اليوم حمرة شديدة منكرة و أصفر غدا صفرة شديدة منكرة و أبيض بعد غد و أمضي الى رحمة اللّه و رضوانه.