responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 59


فَإِذَا اعْتَزَلَتْ هَذِهِ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ أَهْلَ الْعَدْلِ وَتَحَيَّزَتْ بِدَارٍ تَمَيَّزَتْ فِيهَا عَنْ مُخَالَطَةِ الْجَمَاعَةِ فَإِنْ لَمْ تَمْتَنِعْ عَنْ حَقٍّ وَلَمْ تَخْرُجْ عَنْ طَاعَةٍ لَمْ يُحَارَبُوا مَا أَقَامُوا عَلَى الطَّاعَةِ وَتَأْدِيَةِ الْحُقُوقِ .
قَدْ اعْتَزَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْ الْخَوَارِجِ عَلِيًّا عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالنَّهْرَوَانِ فَوَلَّى عَلَيْهِمْ عَامِلًا أَقَامُوا عَلَى طَاعَتِهِ زَمَانًا وَهُوَ لَهُمْ مُوَادِعٌ إلَى أَنْ قَتَلُوهُ فَأَنْفَذَ إلَيْهِمْ أَنْ سَلِّمُوا إلَيَّ قَاتِلَهُ فَأَبَوْا وَقَالُوا كُلُّنَا قَتَلَهُ قَالَ فَاسْتَسْلِمُوا إلَيَّ أَقْتَصُّ مِنْكُمْ وَسَارَ إلَيْهِمْ فَقَتَلَ أَكْثَرَهُمْ .
وَإِنْ امْتَنَعَتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ الْبَاغِيَةُ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ وَمَنَعُوا مَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْحُقُوقِ وَتَفَرَّدُوا بِاجْتِبَاءِ الْأَمْوَالِ وَتَنْفِيذِ الْأَحْكَامِ ، فَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَلَمْ يُنَصِّبُوا لِأَنْفُسِهِمْ إمَامًا وَلَا قَدَّمُوا عَلَيْهِمْ زَعِيمًا كَانَ مَا اجْتَبُوهُ مِنْ الْأَمْوَالِ غَصْبًا لَا تَبْرَأُ مِنْهُ ذِمَّةٌ ، وَمَا نَفَّذُوهُ مِنْ الْأَحْكَامِ مَرْدُودًا لَا يَثْبُتُ بِهِ حَقٌّ .
وَإِنْ فَعَلُوا ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّبُوا لِأَنْفُسِهِمْ إمَامًا اجْتَبَوْا بِقَوْلِهِ الْأَمْوَالَ وَنَفَّذُوا بِأَمْرِهِ الْأَحْكَامَ لَمْ يَتَعَرَّضْ لِأَحْكَامِهِمْ بِالرَّدِّ وَلَا لِمَا اجْتَبَوْهُ بِالْمُطَالَبَةِ وَحُورِبُوا فِي الْحَالَيْنِ عَلَى سَوَاءٍ لِيَنْزِعُوا عَنْ الْمُبَايَنَةِ وَيَفِيئُوا إلَى الطَّاعَةِ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :
* ( وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ) * .
وَفِي قَوْلِهِ : * ( فَإِنْ بَغَتْ إحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى ) * .
وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا بَغَتْ بِالتَّعَدِّي فِي الْقِتَالِ وَالثَّانِي بَغَتْ بِالْعُدُولِ عَنْ الصُّلْحِ ، وَقَوْلُهُ * ( فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ) * يَعْنِي بِالسَّيْفِ رَدْعًا عَنْ الْبَغْيِ وَزَجْرًا عَنْ الْمُخَالَفَةِ .
وَفِي قَوْله تَعَالَى : * ( حَتَّى تَفِيءَ إلَى أَمْرِ اللَّهِ ) * .
وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الصُّلْحِ الَّذِي أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ وَهُوَ قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ .
وَالثَّانِي إلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فِيمَا لَهُمْ وَعَلَيْهِمْ وَهَذَا قَوْلُ قَتَادَةَ .
* ( فَإِنْ فَاءَتْ ) * أَيْ رَجَعَتْ عَنْ الْبَغْيِ * ( فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ ) * .
فِيهِ وَجْهَانِ :
أَحَدُهُمَا بِالْحَقِّ .
وَالثَّانِي بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى ، فَإِذَا قَلَّدَ الْإِمَامُ أَمِيرًا عَلَى قِتَالِ الْمُمْتَنِعِينَ مِنْ الْبُغَاةِ قَدَّمَ قَبْلَ الْقِتَالِ إنْذَارَهُمْ وَإِعْذَارَهُمْ ، ثُمَّ قَاتَلَهُمْ إذَا أَصَرُّوا عَلَى الْبَغْيِ كِفَاحًا وَلَا يَهْجُمُ عَلَيْهِمْ غِرَّةً وَبَيَاتًا .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 59
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست