responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 40


وَتَجَاوَلَا وَثَارَتْ عَجَاجَةٌ أَخْفَتْهُمَا عَنْ الْأَبْصَارِ ، ثُمَّ انْجَلَتْ عَنْهُمَا وَعَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَمْسَحُ سَيْفَهُ بِثَوْبِ عَمْرٍو وَهُوَ قَتِيلٌ ؛ حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ فِي مَغَازِيهِ ، فَدَلَّ هَذَانِ الْخَبَرَانِ عَلَى جَوَازِ الْبِرَازِ مَعَ التَّغْرِيرِ بِالنَّفْسِ .
فَأَمَّا إذَا أَرَادَ الْمُقَاتِلُ أَنْ يَدْعُوَ إلَى الْبِرَازِ مُبْتَدِئًا فَقَدْ مَنَعَهُ أَبُو حَنِيفَةَ لِأَنَّ الدُّعَاءَ إلَى الْبِرَازِ وَالِابْتِدَاءَ بِالتَّطَاوُلِ بَغْيٌ ، وَجَوَّزَهُ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ إظْهَارُ قُوَّةٍ فِي دِينِ اللَّهِ تَعَالَى وَنُصْرَةِ رَسُولِهِ ، فَقَدْ نَدَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى مِثْلِهِ وَحَثَّ عَلَيْهِ وَتَخَيَّرَ لَهُ مَعَ اسْتِظْهَارِهِ بِنَفْسِهِ مَنْ أَقْدَمَ عَلَيْهِ وَبَدَأَ بِهِ .
حَكَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ * ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ظَاهَرَ يَوْمَ أُحُدٍ بَيْنَ دِرْعَيْنِ وَأَخَذَ سَيْفًا فَهَزَّهُ وَقَالَ : مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ ؟ فَقَامَ إلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ هَزَّهُ الثَّانِيَةَ وَقَالَ مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ ؟ فَقَامَ إلَيْهِ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ وَقَالَ أَنَا آخُذُهُ بِحَقِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهُ فَوَجَدَا فِي أَنْفُسِهِمَا ، ثُمَّ عَرَضَهُ الثَّالِثَةَ وَقَالَ مَنْ يَأْخُذُ هَذَا السَّيْفَ بِحَقِّهِ ؟ فَقَامَ إلَيْهِ أَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ فَقَالَ وَمَا حَقُّهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ أَنْ تَضْرِبَ فِي الْعَدُوِّ حَتَّى يَنْحَنِيَ ، فَأَخَذَهُ مِنْهُ وَأَعْلَمَ بِعِصَابَةٍ حَمْرَاءَ كَانَ إذَا أَعْلَمَ بِهَا عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ سَيُقَاتِلُ وَيُبْلِي ، وَمَشَى إلَى الْحَرْبِ وَهُوَ يَقُولُ مِنْ السَّرِيعِ :
أَنَا الَّذِي أَخَذْتُهُ فِي رَقِّهِ * إذْ قَالَ مَنْ يَأْخُذُهُ بِحَقِّهِ قَبِلْتُهُ بِعَدْلِهِ وَصِدْقِهِ * لِلْقَادِرِ الرَّحْمَنِ بَيْنَ خَلْقِهِ الْمُدْرَكِ الْفَائِضِ فَضْلُ رِزْقِهِ * مَنْ كَانَ فِي مَغْرِبِهِ وَشَرْقِهِ ثُمَّ جَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إنَّهَا لَمِشْيَةٍ يَبْغُضُهَا اللَّهُ إلَّا فِي هَذَا الْمَوْطِنِ .
وَدَخَلَ فِي الْحَرْبِ مُبْتَدِئًا بِالْقِتَالِ فَأَبْلَى وَأَنْكَى وَهُوَ يَقُولُ مِنْ السَّرِيعِ :
أَنَا الَّذِي عَاهَدَنِي خَلِيلِي * وَنَحْنُ بِالسَّفْحِ مِنْ النَّخِيلِ أَلَّا أَقُومَ الدَّهْرَ فِي الْكُبُولِ * أَخَذْتُ سَيْفَ اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) * .
وَإِذَا جَازَتْ الْمُبَارَزَةُ بِمَا اسْتَشْهَدْنَا مِنْ حَالِ الْمُبْتَدِئِ بِهَا وَأُجِيبَ إلَيْهَا كَانَ لِتَمْكِينِ الْمُبَارَزَةِ شَرْطَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ يَكُونَ ذَا نَجْدَةٍ وَشَجَاعَةٍ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ أَنَّهُ لَنْ يَعْجَزَ عَنْ مُقَاوَمَةِ عَدُوِّهِ ، فَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ مُنِعَ .
وَالثَّانِي أَنْ لَا يَكُونَ زَعِيمًا لِلْجَيْشِ يُؤَثِّرُ فَقْدُهُ فِيهِمْ ، فَإِنَّ فَقْدَ الزَّعِيمِ الْمُدَبِّرِ مُفْضٍ إلَى الْهَزِيمَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَقْدَمَ عَلَى الْبِرَازِ ثِقَةً بِنَصْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَإِنْجَازِ وَعْدِهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِغَيْرِهِ ؛ وَيَجُوزُ لِأَمِيرِ الْجَيْشِ إذَا حُضَّ عَلَى الْجِهَادِ أَنْ يُحَرِّضَ لِلشَّهَادَةِ مِنْ الرَّاغِبِينَ فِيهَا مَنْ يَعْلَمُ أَنَّ مِثْلَهُ فِي الْمَعْرَكَةِ يُؤْثِرُ أَحَدَ أَمْرَيْنِ إمَّا تَحْرِيضُ

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 40
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست