responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 33


الَّتِي لَمْ يَتَضَمَّنْهَا عَقْدُ إمَارَتِهِ وَرَدَّهُمْ إلَى حَاكِمِ بَلَدِهِ ؛ فَإِنْ نَفَذَ حُكْمُهُ لِأَحَدِهِمْ بِحَقٍّ قَامَ بِاسْتِيفَائِهِ إنْ ضَعُفَ عَنْهُ الْحَاكِمُ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي بَلَدِهِ حَاكِمٌ عَدَلَ بِهَا إلَى أَقْرَبِ الْحُكَّامِ مِنْ بَلَدِهِ إنْ لَمْ يَلْحَقْهُمَا فِي الْمَصِيرِ إلَيْهِ مَشَقَّةٌ ، فَإِنْ لَحِقَتْ لَمْ يَكْفُلْهُمَا ذَلِكَ وَاسْتَأْمَرَ الْخَلِيفَةُ فِيمَا تَنَازَعَا ، وَنَفَذَ حُكْمُهُ فِيهِ .
وَأَمَّا تَسْيِيرُ الْحَجِيجِ مِنْ عَمَلِهِ فَدَاخِلٌ فِي أَحْكَامِ إمَارَتِهِ ، لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمَعُونَاتِ الَّتِي نَدَبَ لَهَا .
فَأَمَّا إمَامَةُ الصَّلَوَاتِ فِي الْجُمَعِ وَالْأَعْيَادِ ، فَقَدْ قِيلَ إنَّ الْقُضَاةَ بِهَا أَخَصُّ وَهُوَ بِمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَشْبَهُ ، وَقِيلَ إنَّ الْأُمَرَاءَ بِهَا أَحَقُّ وَهُوَ بِمَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ أَشْبَهُ ، فَإِنْ تَاخَمَتْ وِلَايَةُ هَذَا الْأَمِيرِ ثَغْرًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ جِهَادَ أَهْلِهِ إلَّا بِإِذْنِ الْخَلِيفَةِ وَكَانَ عَلَيْهِ حَرْبُهُمْ وَدَفْعُهُمْ إنْ هَجَمُوا عَلَيْهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ لِأَنَّ دَفْعَهُمْ مِنْ حُقُوقِ الْحِمَايَةِ وَمُقْتَضَى الذَّبِّ عَنْ الْحَرِيمِ .
وَيُعْتَبَرُ فِي وِلَايَةِ هَذِهِ الْإِمَارَةِ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي وَزَارَةِ التَّنْفِيذِ وَزِيَادَةُ شَرْطَيْنِ عَلَيْهَا هُمَا : الْإِسْلَامُ وَالْحُرِّيَّةُ ، لِمَا تَضَمَّنَتْهَا مِنْ الْوِلَايَةِ عَلَى أُمُورٍ دِينِيَّةٍ لَا تَصِحُّ مَعَ الْكُفْرِ وَالرِّقِّ ، وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا الْعِلْمُ وَالْفِقْهُ ، وَإِنْ كَانَ فَزِيَادَةُ فَضْلٍ ، فَصَارَتْ شُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ مُعْتَبَرَةً بِشُرُوطِ وَزَارَةِ التَّفْوِيضِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عُمُومِ النَّظَرِ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي خُصُوصِ الْعَمَلِ .
وَشُرُوطُ الْإِمَارَةِ الْخَاصَّةِ تَقْصُرُ عَنْ شُرُوطِ الْإِمَارَةِ الْعَامَّةِ بِشَرْطٍ وَاحِدٍ وَهُوَ الْعِلْمُ لِأَنَّ لِمَنْ عَمَّتْ إمَارَتُهُ أَنْ يَحْكُمَ وَلَيْسَ ذَلِكَ لِمَنْ خَصَّتْ إمَارَتُهُ : وَلَيْسَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْأَمِيرِينَ مُطَالَعَةُ الْخَلِيفَةِ بِمَا أَمْضَاهُ فِي عَمَلِهِ عَلَى مُقْتَضَى إمَارَتِهِ إذَا كَانَ مَعْهُودًا إلَّا عَلَى وَجْهِ الِاخْتِيَارِ تَظَاهُرًا بِالطَّاعَةِ ، فَإِنْ حَدَثَ حَادِثٌ غَيْرُ مَعْهُودٍ أَوْقَفَاهُ عَلَى مُطَالَعَةِ الْإِمَامِ وَعَمِلَا فِيهِ بِأَمْرِهِ ، فَإِنْ خَافَا مِنْ اتِّسَاعِ الْخَرْقِ إنْ أَوْقَفَاهُ قَامَا بِمَا يَدْفَعُ هُجُومَهُ حَتَّى يَرِدَ عَلَيْهِمَا إذْنُ الْخَلِيفَةِ فِيمَا يَعْمَلَانِ بِهِ لِأَنَّ رَأْيَ الْخَلِيفَةِ لِإِشْرَافِهِ عَلَى عُمُومِ الْأُمُورِ أَمْضَى فِي الْحَوَادِثِ النَّازِلَةِ .
وَأَمَّا إمَارَةُ الِاسْتِيلَاءِ الَّتِي تُعْقَدُ عَنْ اضْطِرَارٍ فَهِيَ أَنْ يَسْتَوْلِيَ الْأَمِيرُ بِالْقُوَّةِ عَلَى بِلَادٍ يُقَلِّدُهُ الْخَلِيفَةُ إمَارَتَهَا وَيُفَوِّضُ إلَيْهِ تَدْبِيرَهَا وَسِيَاسَتَهَا ، فَيَكُونُ الْأَمِيرُ بِاسْتِيلَائِهِ مُسْتَبِدًّا بِالسِّيَاسَةِ وَالتَّدْبِيرِ ، وَالْخَلِيفَةُ بِإِذْنِهِ مُنَفِّذًا لِأَحْكَامِ الدِّينِ لِيَخْرُجَ مِنْ الْفَسَادِ إلَى الصِّحَّةِ وَمِنْ الْحَظْرِ إلَى الْإِبَاحَةِ ، وَهَذَا وَإِنْ خَرَجَ عَنْ عُرْفِ التَّقْلِيدِ الْمُطْلَقِ فِي شُرُوطِهِ وَأَحْكَامِهِ فَفِيهِ مِنْ حِفْظِ الْقَوَانِينِ الشَّرْعِيَّةِ وَحِرَاسَةِ الْأَحْكَامِ الدِّينِيَّةِ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُتْرَكَ مُخْتَلًّا مَخْذُولًا وَلَا فَاسِدًا مَعْلُولًا ، فَجَازَ فِيهِ مَعَ الِاسْتِيلَاءِ وَالِاضْطِرَارِ مَا امْتَنَعَ فِي تَقْلِيدِ الِاسْتِكْفَاءِ وَالِاخْتِيَارِ لِوُقُوعِ الْفَرْقِ بَيْنَ شُرُوطِ الْمُكْنَةِ وَالْعَجْزِ .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 33
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست