responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 256


الصِّغَارُ عَلَيْهَا مَا يَكُونُ نَقْلُهُمْ عَنْهَا بَعْدَ الْكِبَرِ عَسِيرًا فَيُقَرُّ مِنْهُمْ مَنْ تَوَفَّرَ عَمَلُهُ وَحَسُنَتْ طَرِيقَتُهُ وَيُمْنَعُ مَنْ قَصَّرَ وَأَسَاءَ مِنْ التَّصَدِّي لِمَا يُفْسِدُ بِهِ النُّفُوسَ وَتَخْبُثُ بِهِ الْآدَابُ .
وَأَمَّا مَنْ يُرَاعِي فِي الْأَمَانَةِ وَالْخِيَانَةِ فَمِثْلُ الصَّاغَةِ وَالْحَاكَةِ وَالْقَصَّارِينَ وَالصَّبَّاغِينَ ؛ لِأَنَّهُمْ رُبَّمَا هَرَبُوا بِأَمْوَالِ النَّاسِ ، فَيُرَاعِي أَهْلَ الثِّقَةِ وَالْأَمَانَةِ مِنْهُمْ فَيُقِرُّهُمْ وَيُبْعِدُ مَنْ ظَهَرَتْ خِيَانَتُهُ وَيُشْهِرُ أَمْرَهُ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ مَنْ لَا يَعْرِفُهُ ، وَقَدْ قِيلَ : إنَّ الْحُمَاةَ وَوُلَاةَ الْمُعَاوِنِ أَخَصُّ بِالنَّظَرِ فِي أَحْوَالِ هَؤُلَاءِ مِنْ وُلَاةِ الْحِسْبَةِ وَهُوَ الْأَشْبَهُ ، لِأَنَّ الْخِيَانَةَ تَابِعَةٌ لِلسَّرِقَةِ .
وَأَمَّا مَنْ يُرَاعِي عَمَلَهُ فِي الْجَوْدَةِ وَالرَّدَاءَةِ فَهُوَ مِمَّا يَنْفَرِدُ بِالنَّظَرِ فِيهِ وُلَاةُ الْحِسْبَةِ ، وَلَهُمْ أَنْ يُنْكِرُوا عَلَيْهِمْ فِي الْعُمُومِ فَسَادَ الْعَمَلِ وَرَدَاءَتَهُ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ مُسْتَعِدٌّ .
وَأَمَّا فِي عَمَلٍ مَخْصُوصٍ اعْتَادَ الصَّانِعُ فِيهِ الْفَسَادَ وَالتَّدْلِيسَ فَإِذَا اسْتَعْدَاهُ الْخَصْمُ قَابَلَ عَلَيْهِ بِالْإِنْكَارِ وَالزَّجْرِ ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِذَلِكَ غُرْمٌ رُوعِيَ حَالُ الْغُرْمِ ، فَإِنْ افْتَقَرَ إلَى تَقْرِيرٍ أَوْ تَقْوِيمٍ لَمْ يُمْكِنْ لِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ لِافْتِقَارِهِ إلَى اجْتِهَادٍ حُكْمِيٍّ وَكَانَ الْقَاضِي بِالنَّظَرِ فِيهِ أَحَقَّ ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَقِرْ إلَى تَقْدِيرٍ وَلَا تَقْوِيمٍ وَاسْتَحَقَّ فِيهِ الْمِثْلَ الَّذِي لَا اجْتِهَادَ فِيهِ ، وَلَا تَنَازُعَ فَلِلْمُحْتَسِبِ أَنْ يَنْظُرَ فِيهِ بِإِلْزَامِ الْغُرْمِ وَالتَّأْدِيبِ عَلَى فِعْلِهِ ؛ لِأَنَّهُ أَخْذٌ بِالتَّنَاصُفِ وَزَجْرٌ عَنْ التَّعَدِّي .
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُسَعِّرَ عَلَى النَّاسِ الْأَقْوَاتَ وَلَا غَيْرَهَا فِي رُخْصٍ وَلَا غَلَاءٍ وَأَجَازَهُ مَالِكٌ فِي الْأَقْوَاتِ مَعَ الْغَلَاءِ .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا مَا يُنْكَرُ مِنْ الْحُقُوقِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى وَحُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فَكَالْمَنْعِ مِنْ الْإِشْرَافِ عَلَى مَنَازِلِ النَّاسِ ، وَلَا يَلْزَمُ مَنْ عَلَا بِنَاؤُهُ أَنْ يَسْتُرَ سَطْحَهُ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يُشْرِفَ عَلَى غَيْرِهِ وَيُمْنَعُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مِنْ تَعْلِيَةِ أَبْنِيَتِهِمْ عَلَى أَبْنِيَةِ الْمُسْلِمِينَ ، فَإِنْ مَلَكُوا أَبْنِيَةً عَالِيَةً أُقِرُّوا عَلَيْهَا وَمُنِعُوا مِنْ الْإِشْرَافِ مِنْهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَأَهْلِ الذِّمَّةِ بِمَا شُرِطَ عَلَيْهِمْ فِي ذِمَّتِهِمْ مِنْ لُبْسِ الْغِيَارِ وَالْمُخَالَفَةِ فِي الْهَيْئَةِ وَتَرْكِ الْمُجَاهَرَةِ بِقَوْلِهِمْ فِي الْعُزَيْرِ وَالْمَسِيحِ وَيُمْنَعُ عَنْهُمْ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِسَبٍّ أَوْ أَذًى ، وَيُؤَدَّبُ عَلَيْهِ مَنْ خَالَفَ فِيهِ .
وَإِذَا كَانَ فِي أَئِمَّةِ الْمَسَاجِدِ السَّابِلَةِ وَالْجَوَامِعِ الْجَفْلَةِ مَنْ يُطِيلُ الصَّلَاةَ حَتَّى يَعْجِزَ عَنْهَا الضُّعَفَاءُ وَيَنْقَطِعَ بِهَا ذَوُو الْحَاجَاتِ أَنْكَرَ ذَلِكَ عَلَيْهِ كَمَا * ( أَنْكَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ حِينَ أَطَالَ الصَّلَاةَ بِقَوْمِهِ وَقَالَ : أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ ) * .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 256
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست