خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قَدْ كُنْتُ بِالشَّامِ فَرَأَيْتُ مُلُوكَهَا قَدْ دَوَّنُوا دِيوَانًا وَجَنَّدُوا جُنُودًا فَدَوِّنْ دِيوَانًا وَجَنِّدْ جُنُودًا فَأَخَذَ بِقَوْلِهِ وَدَعَا عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَمَخْرَمَةَ بْنَ نَوْفَلٍ وَجُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ وَكَانُوا مِنْ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَقَالَ : اُكْتُبُوا النَّاسَ عَلَى مَنَازِلِهِمْ فَبَدَؤوا بِبَنِي هَاشِمٍ فَكَتَبُوهُمْ ثُمَّ أَتْبَعُوهُمْ أَبَا بَكْرٍ وَقَوْمَهُ ثُمَّ عُمَرَ وَقَوْمَهُ وَكَتَبُوا الْقَبَائِلَ وَوَضَعُوهَا عَلَى الْخِلَافَةِ ثُمَّ رَفَعُوهُ إلَى عُمَرَ ، فَلَمَّا نَظَرَ فِيهِ قَالَ : لَا ، مَا وَدِدْتُ أَنَّهُ كَانَ هَكَذَا ، وَلَكِنْ ابْدأُوا بِقَرَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ حَتَّى تَضَعُوا عُمَرَ حَيْثُ وَضَعَهُ اللَّهُ فَشَكَرَهُ الْعَبَّاسُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى ذَلِكَ ، وَقَالَ وَصَلَتْكَ رَحِمٌ وَرَوَى زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ بَنِي عَدِيٍّ جَاؤوا إلَى عُمَرَ فَقَالُوا إنَّك خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ وَخَلِيفَةُ أَبِي بَكْرٍ وَأَبُو بَكْرٍ خَلِيفَةُ رَسُولِ اللَّهِ ؛ فَلَوْ جَعَلْتَ نَفْسَكَ حَيْثُ جَعَلَكَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَجَعَلَكَ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ الَّذِينَ كَتَبُوا فَقَالَ بَخٍ بَخٍ يَا بَنِي عَدِيٍّ أَرَدْتُمْ الْأَكْلَ عَلَى ظَهْرِي ، وَأَنْ أَهَبَ حَسَنَاتِي لَكُمْ لَا ، وَلَكِنَّكُمْ حَتَّى تَأْتِيَكُمْ الدَّعْوَةُ وَأَنْ يَنْطَبِقَ عَلَيْكُمْ الدَّفْتَرُ يَعْنِي وَلَوْ تُكْتَبُوا آخِرَ النَّاسِ ، إنَّ لِي صَاحِبِينَ سَلَكَا طَرِيقًا فَإِنْ خَالَفْتُهُمَا خُولِفَ بِي ، وَلَكِنَّهُ - وَاَللَّهِ - مَا أَدْرَكْنَا الْفَضْلَ فِي الدُّنْيَا ، وَلَا نَرْجُو الثَّوَابَ عِنْدَ اللَّهِ - تَعَالَى - عَلَى عَمَلِنَا إلَّا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ شَرَفُنَا ، وَقَوْمُهُ أَشْرَفُ الْعَرَبِ ثُمَّ الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ ، وَاَللَّهِ لَئِنْ جَاءَتْ الْأَعَاجِمُ بِعَمَلٍ وَجِئْنَا بِغَيْرِ عَمَلٍ لَهُمْ أَوْلَى بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَإِنَّ مَنْ قَصُرَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يَرْعَ بِهِ نَسَبُهُ .وَرَوَى عَامِرٌ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ حِينَ أَرَادَ وَضْعَ الدِّيوَانِ قَالَ : بِمَنْ أَبْدَأُ ؟ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ ابْدَأْ بِنَفْسِكَ ، فَقَالَ عُمَرُ : أَذْكُرُ أَنِّي حَضَرْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ، وَهُوَ يَبْدَأُ بِبَنِي هَاشِمٍ وَبَنْي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَبَدَأَ بِهِمْ عُمَرُ ثُمَّ بِمَنْ يَلِيهِمْ مِنْ قَبَائِلِ قُرَيْشٍ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ حَتَّى اسْتَوْفَى جَمِيعَ قُرَيْشٍ ، ثُمَّ انْتَهَى إلَى الْأَنْصَارِ ، فَقَالَ عُمَرُ ابْدَأوا بِرَهْطِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ مِنْ الْأَوْسِ ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَالْأَقْرَبِ لِسَعْدٍ .وَرَوَى الزُّهْرِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ كَانَ ذَلِكَ مِنْ الْمُحَرَّمِ سَنَةَ عَشْرَةٍ فَلَمَّا اسْتَقَرَّ تَرْتِيبُ النَّاسِ فِي الدَّوَاوِينِ عَلَى قَدْرِ النَّسَبِ الْمُتَّصِلِ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَّلَ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَاءِ عَلَى قَدْرِ السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْقُرْبَى مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَرَى التَّسْوِيَةَ بَيْنَهُمْ فِي الْعَطَاءِ ، وَلَا يَرَى التَّفْضِيلَ