responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 197


نَظَرُهُ إلَّا بِوِلَايَةٍ وَتَقْلِيدٍ مِثْلُ الْقُضَاةِ وَالْحُكَّامِ وَكُتَّابِ الدَّوَاوِينِ فَيَجُوزُ أَنْ يُقْطَعُوا بِأَرْزَاقِهِمْ خَرَاجَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَيَحْتَمِلُ جَوَازُ إقْطَاعِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ سَنَةٍ وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : يَجُوزُ كَالْجَيْشِ .
وَالثَّانِي : لَا يَجُوزُ لِمَا يَتَوَجَّهُ إلَيْهِمْ مِنْ الْعَزْلِ وَالِاسْتِبْدَالِ .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا إقْطَاعُ الْمَعَادِنِ وَهِيَ الْبِقَاعُ الَّتِي أَوْدَعَهَا اللَّهُ - تَعَالَى - جَوَاهِرَ الْأَرْضِ فَهِيَ ضَرْبَانِ : ظَاهِرَةٌ وَبَاطِنَةٌ .
فَأَمَّا الظَّاهِرَةُ فَهِيَ مَا كَانَ جَوْهَرُهَا الْمُسْتَوْدَعُ فِيهَا بَارِزًا كَمَعَادِنِ الْكُحْلِ وَالْمِلْحِ وَالْقَارِ وَالنِّفْطِ ، وَهُوَ كَالْمَاءِ الَّذِي لَا يَجُوزُ إقْطَاعُهُ وَالنَّاسُ فِيهِ سَوَاءٌ يَأْخُذُهُ مَنْ وَرَدَ إلَيْهِ ، رَوَى ثَابِتُ بْنُ سَعِيدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ .
* ( أَنَّ الْأَبْيَضَ بْنَ حَمَّالٍ اسْتَقْطَعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِلْحَ مَأْرَبٍ فَأَقْطَعَهُ ، فَقَالَ الْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ التَّمِيمِيُّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي وَرَدْتُ هَذَا الْمِلْحَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ ، وَهُوَ بِأَرْضٍ لَيْسَ فِيهَا غَيْرُهُ مَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ وَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ بِالْأَرْضِ فَاسْتَقَالَ الْأَبْيَضُ فِي قَطِيعَةِ الْمِلْحِ .
فَقَالَ قَدْ أَقَلْتُكَ عَلَى أَنْ تَجْعَلَهُ مِنِّي صَدَقَةً .
فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : هُوَ مِنْكَ صَدَقَةٌ ، وَهُوَ مِثْلُ الْمَاءِ الْعِدِّ مَنْ وَرَدَهُ أَخَذَهُ ) * .
قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ : الْمَاءُ الْعِدُّ هُوَ الَّذِي لَهُ مَوَادُّ تَمُدُّهُ مِثْلُ الْعُيُونِ وَالْآبَارِ .
فَقَالَ غَيْرُهُ : هُوَ الْمَاءُ الْمُتَجَمِّعُ الْمُعَدُّ فَإِنْ أَقُطِعَتْ هَذِهِ الْمَعَادِنُ الظَّاهِرَةُ لَمْ يَكُنْ لِإِقْطَاعِهَا حُكْمٌ وَكَانَ الْمُقْطَعُ وَغَيْرُهُ فِيهَا سَوَاءٌ ، وَجَمِيعُ مَنْ وَرَدَ إلَيْهَا أُسْوَةٌ مُشْتَرِكُونَ فِيهَا ، فَإِنْ مَنَعَهُمْ الْمُقْطِعُ مِنْهَا كَانَ بِالْمَنْعِ مُتَعَدِّيًا وَكَانَ لِمَا أَخَذَهُ مَالِكًا لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ بِالْمَنْعِ لَا بِالْأَخْذِ فَكُفَّ عَنْ الْمَنْعِ وَصُرِفَ عَنْ مُدَاوَمَةِ الْعَمَلِ لِئَلَّا يُثْبِتَهُ إقْطَاعًا بِالصِّحَّةِ أَوْ يَصِيرَ مَعَهُ كَالْأَمْلَاكِ الْمُسْتَقِرِّ .
وَأَمَّا الْمَعَادِنُ الْبَاطِنَةُ فَهِيَ مَا كَانَ جَوْهَرُهَا مُسْتَكِنًا فِيهَا لَا يُوصَلُ إلَيْهِ إلَّا بِالْعَمَلِ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالصُّفْرِ وَالْحَدِيدِ ، فَهَذِهِ وَمَا أَشْبَهَهَا مَعَادِنُ بَاطِنَةٌ سَوَاءٌ احْتَاجَ الْمَأْخُوذُ مِنْهَا إلَى سَبْكٍ وَتَخْلِيصٍ أَوْ لَمْ يَحْتَجْ .
وَفِي جَوَازِ إقْطَاعِهَا قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ كَالْمَعَادِنِ الظَّاهِرَةِ وَكُلُّ النَّاسِ فِيهَا شَرْعٌ .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 197
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست