responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 176


فِي بُيُوتِ الْأَحْدَاثِ وَالْعَوَاتِقِ عَشَرَةُ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ : ارْتِفَاعُ هَذَا الْإِقْلِيمِ فِي الْحَقَّيْنِ أَلْفَ أَلْفِ أَلْفٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ، فَمَا نَقَصَ مِنْ مَالِ الرَّعِيَّةِ زَادَ فِي مَالِ السُّلْطَانِ ؛ وَمَا نَقَصَ مِنْ مَالِ السُّلْطَانِ زَادَ فِي مَالِ الرَّعِيَّةِ ، وَلَمْ يَزَلْ السَّوَادُ عَلَى الْمِسَاحَةِ وَالْخَرَاجِ إلَى أَنْ عَدَلَ بِهِمْ الْمَنْصُورُ رَحِمَهُ اللَّهُ فِي الدَّوْلَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ عَنْ الْخَرَاجِ إلَى الْمُقَاسَمَةِ ؛ لِأَنَّ السِّعْرَ نَقَصَ فَلَمْ تَفِ الْغَلَّاتُ بِخَرَاجِهَا وَخَرِبَ السَّوَادُ فَجَعَلَهُ مُقَاسَمَةً ، وَأَشَارَ أَبُو عُبَيْدِ اللَّهِ عَلِيُّ الْمَهْدِيِّ أَنْ يَجْعَلَ أَرْضَ الْخَرَاجِ مُقَاسَمَةً بِالنِّصْفِ إنْ سَقَى سَيْحًا وَفِي الدَّوَالِي عَلَى الثُّلُثِ ، وَفِي الدَّوَالِيبِ عَلَى الرُّبْعِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ سِوَاهُ ، وَأَنْ يَعْمَلَ فِي النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَالشَّجَرِ مِسَاحَةَ خَرَاجٍ تُقَدَّرُ بِحَسَبِ قُرْبِهِ مِنْ الْأَسْوَاقِ وَالْفَرْضِ وَيَكُونُ الْبَيْنُ مِثْلَ الْمُقَاسَمَةِ فَإِذَا بَلَغَ حَاصِلُ الْغَلَّةِ مَا يَفِي بِخَرَاجَيْنِ أَخَذَ عَنْهَا خَرَاجًا كَامِلًا ، وَإِذَا نَقَصَ تَرَكَ فَهَذَا مَا جَرَى فِي أَرْضِ السَّوَادِ .
وَاَلَّذِي يُوجِبُهُ الْحُكْمُ أَنَّ خَرَاجَهَا هُوَ الْمَضْرُوبُ عَلَيْهَا أَوَّلًا وَتَغْيِيرُهُ إلَى الْمُقَاسَمَةِ إذَا كَانَ لِسَبَبٍ حَادِثٍ اقْتَضَاهُ اجْتِهَادُ الْأَئِمَّةِ فَيَكُونُ أَمْضَى مَعَ بَقَاءِ سَبَبِهِ ، وَإِلَّا أُعِيدَ إلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ عِنْدَ زَوَالِ سَبَبِهِ ؛ إذْ لِلْإِمَامِ أَنْ يَنْقُضَ اجْتِهَادَ مَنْ تَقَدَّمَهُ .
فَأَمَّا تَضْمِينُ الْعُمَّالِ لِأَمْوَالِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ فَبَاطِلٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ فِي الشَّرْعِ حُكْمٌ ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُؤْتَمَنٌ يَسْتَوْفِي مَا وَجَبَ وَيُؤَدِّي مَا حَصَلَ فَهُوَ كَالْوَكِيلِ الَّذِي إذَا أَدَّى الْأَمَانَةَ لَمْ يَضْمَنْ نُقْصَانًا ، وَلَمْ يُكْمِلْ زِيَادَةً ، وَضَمَانُ الْأَمْوَالِ بِقَدْرٍ مَعْلُومٍ يَقْتَضِي الِاقْتِصَارَ عَلَيْهِ فِي تَمَلُّكِ مَا زَادَ وَغُرْمِ مَا نَقَصَ ، وَهَذَا مُنَافٍ لِوَضْعِ الْعِمَالَةِ وَحُكْمِ الْأَمَانَةِ فَبَطَلَ .
وَحُكِيَ أَنَّ رَجُلًا أَتَى ابْنَ الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَتَقَبَّلُ مِنْهُ الْأُبُلَّةَ بِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَضَرَبَهُ مِائَةَ سَوْطٍ وَصَلَبَهُ حَيًّا تَعْزِيرًا وَأَدَبًا .
وَقَدْ خَطَبَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ النَّاسَ فَجَمَعَ فِي خُطْبَتِهِ بَيْنَ صِفَتِهِمْ وَصِفَةِ وِلَايَتِهِ عَلَيْهِمْ وَحُكْمِ الْمَالِ الَّذِي يَلِيهِ بِمَا هُوَ الصَّوَابُ الْمَسْمُوعُ ، وَالْحَقُّ الْمَتْبُوعُ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ اقْرَؤوا الْقُرْآنَ تَعَرَّفُوا بِهِ ، اعْمَلُوا بِمَا فِيهِ تَكُونُوا مِنْ أَهْلِهِ ، وَلَنْ يَبْلُغَ ذُو حَقٍّ حَقَّهُ أَنْ يُطَاعَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، أَلَا وَإِنَّهُ لَنْ يُبْعِدَ مِنْ رِزْقٍ ، وَلَنْ يُقَرِّبَ مِنْ أَجَلٍ أَنْ يَقُولَ الْمَرْءُ حَقًّا ، أَلَا وَإِنِّي مَا وَجَدْتُ صَلَاحَ مَا وَلَّانِي اللَّهُ إلَّا بِثَلَاثٍ : أَدَاءِ الْأَمَانَةِ وَالْأَخْذُ بِالْقُوَّةِ ، وَالْحُكْمُ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ، أَلَا وَإِنِّي مَا وَجَدْتُ صَلَاحَ هَذَا الْمَالِ إلَّا بِثَلَاثٍ : أَنْ يُؤْخَذَ بِحَقٍّ ، وَأَنْ يُعْطَى فِي حَقٍّ ، وَأَنْ يُمْنَعَ مِنْ بَاطِلٍ ، أَلَا وَإِنِّي فِي مَالِكُمْ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ إنْ اسْتَغْنَيْتُ اسْتَعْفَفْتُ ، وَإِنْ افْتَقَرْتُ أَكَلْت بِالْمَعْرُوفِ كَتَرَمُّمِ الْبَهِيمَةِ الْأَعْرَابِيَّةِ .

اسم الکتاب : الأحكام السلطانية والولايات الدينية المؤلف : الماوردي    الجزء : 1  صفحة : 176
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست