فَإِنْ كَانَ السُّلْطَانُ يَرَى جَوَازَ بَيْعِهَا بَاعَ مِنْهَا عَلَيْهِ بِقَدْرِ خَرَاجِهَا ؛ وَإِنْ كَانَ لَا يَرَى ذَلِكَ أَجْرَاهَا عَلَيْهِ وَاسْتَوْفَى الْخَرَاجَ مِنْ مُسْتَأْجِرِهَا ، فَإِنْ زَادَتْ الْأُجْرَةُ كَانَ عَلَيْهِ زِيَادَتُهَا ، وَإِنْ نَقَصَتْ كَانَ عَلَيْهِ نُقْصَانُهَا وَإِذَا عَجَزَ رَبُّ الْأَرْضِ عَنْ عِمَارَتِهَا قِيلَ لَهُ إمَّا أَنْ تُؤَجِّرَهَا أَوْ تَرْفَعَ يَدَكَ عَنْهَا لِتُدْفَعَ إلَى مَنْ يَقُومُ بِعِمَارَتِهَا وَلَمْ يُتْرَكْ عَلَى خَرَابِهَا وَإِنْ دَفَعَ خَرَاجَهَا لِئَلَّا تَصِيرَ بِالْخَرَابِ مَوَاتًا وَعَامِلُ الْخَرَاجِ يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ وِلَايَتِهِ : الْحُرِّيَّةُ وَالْأَمَانَةُ وَالْكِفَايَةُ ، ثُمَّ يَخْتَلِفُ حَالُهُ بِاخْتِلَافِ وِلَايَتِهِ فَإِنْ تَوَلَّى وَضْعَ الْخَرَاجِ اُعْتُبِرَ فِيهِ أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ ، وَإِنْ وَلِيَ جِبَايَةَ الْخَرَاجِ صَحَّتْ وِلَايَتُهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَقِيهًا مُجْتَهِدًا وَرِزْقُ عَامِلِ الْخَرَاجِ فِي مَالِ الْخَرَاجِ ، كَمَا أَنَّ رِزْقَ عَامِلِ الصَّدَقَةِ فِي مَالِ الصَّدَقَةِ مِنْ سَهْمِ الْعَامِلِينَ وَكَذَلِكَ أُجُورُ الْمُسَّاحِ وَأَمَّا أُجْرَةُ الْقَسَّامِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِيهَا ، فَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ إلَى أُجُورِ قُسَّامِ الْعُشْرِ وَالْخَرَاجِ مَعًا فِي حَقِّ الَّذِي اسْتَوْفَاهُ السُّلْطَانُ مِنْهُمَا وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ : أُجُورُ مَنْ يَقْسِمُ غَلَّةَ الْعُشْرِ وَغَلَّةَ الْخَرَاجِ وَسَطٌ مِنْ أَصْلِ الْكَيْلِ وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : أُجُورُ الْخَرَاجِ عَلَى السُّلْطَانِ وَأُجُورُ الْعُشْرِ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ وَقَالَ مَالِكٌ : أُجُورُ الْعُشْرِ عَلَى صَاحِبِ الْأَرْضِ وَأُجُورُ الْخَرَاجِ عَلَى الْوَسَطِ وَالْخَرَاجُ حَقٌّ مَعْلُومٌ عَلَى مِسَاحَةٍ مَعْلُومَةٍ فَاعْتُبِرَ فِي الْعِلْمِ بِهَا ثَلَاثَةُ مَقَادِيرَ تَنْفِي الْجَهَالَةَ عَنْهَا : أَحَدُهَا مِقْدَارُ الْجَرِيبِ بِالذِّرَاعِ الْمَسْمُوحِ بِهِ .وَالثَّانِي مِقْدَارُ الدِّرْهَمِ الْمَأْخُوذِ بِهِ وَالثَّالِثُ مِقْدَارُ الْكَيْلِ الْمُسْتَوْفَى بِهِ .فَأَمَّا الْجَرِيبُ فَهُوَ عَشْرُ قَصَبَاتٍ فِي عَشْرِ قَصَبَاتٍ ، وَالْقَفِيزُ عَشْرُ قَصَبَاتٍ فِي قَصَبَةٍ وَالْعَشِيرُ قَصَبَةٌ فِي قَصَبَةٍ وَالْقَصَبَةُ سِتَّةُ أَذْرُعٍ فَيَكُونُ الْجَرِيبُ ثَلَاثَةَ آلَافٍ وَسِتِّمِائَةِ ذِرَاعٍ مُكَسَّرَةٍ ، وَالْقَفِيزُ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ ذِرَاعًا مُكَسَّرَةٌ وَهُوَ عُشْرُ الْجَرِيبِ ، وَالْعَشِيرُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ ذِرَاعًا وَهُوَ عُشْرُ الْقَفِيزِ وَأَمَّا الذِّرَاعُ فَالْأَذْرُعُ سَبْعٌ أَقْصَرُهَا الْقَاضِيَةُ ثُمَّ الْيُوسُفِيَّةُ ثُمَّ السَّوْدَاءُ ثُمَّ الْهَاشِمِيَّةُ الصُّغْرَى وَهِيَ الْبِلَالِيَّةُ ثُمَّ الْهَاشِمِيَّةُ الْكُبْرَى وَهِيَ الزِّيَادِيَّةُ ثُمَّ الْعُمَرِيَّةُ ثُمَّ الْمِيزَانِيَّةُ .فَأَمَّا الْقَاضِيَةُ وَتُسَمَّى ذِرَاعُ الدُّورِ فَهِيَ أَقَلُّ مِنْ ذِرَاعِ السَّوْدَاءِ بِأُصْبُعٍ وَثُلُثَيْ أُصْبُعٍ ، وَأَوَّلُ مَنْ وَضَعَهَا ابْنُ أَبِي لَيْلَى الْقَاضِي وَبِهَا يَتَعَامَلُ أَهْلُ كَلْوَاذَى .