الباب العاشر : في الولاية على الحج هَذِهِ الْوِلَايَةُ عَلَى الْحَجِّ ضَرْبَانِ : أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ عَلَى تَسْيِيرِ الْحَجِيجِ .وَالثَّانِي : عَلَى إقَامَةِ الْحَجِّ ، فَأَمَّا تَسْيِيرُ الْحَجِيجِ فَهُوَ وِلَايَةُ سِيَاسَةٍ وَزَعَامَةٍ وَتَدْبِيرٍ .وَالشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْمُوَلَّى : أَنْ يَكُونَ مُطَاعًا ذَا رَأْيٍ وَشَجَاعَةٍ وَهَيْبَةٍ وَهِدَايَةٍ .وَاَلَّذِي عَلَيْهِ فِي حُقُوقِ هَذِهِ الْوِلَايَةِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ : أَحَدُهَا جَمْعُ النَّاسِ فِي مَسِيرِهِمْ وَنُزُولِهِمْ حَتَّى لَا يَتَفَرَّقُوا فَيَخَافُ النَّوَى وَالتَّغْرِيرَ .وَالثَّانِي : تَرْتِيبُهُمْ فِي الْمَسِيرِ وَالنُّزُولِ بِإِعْطَاءِ كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مُقَادًا حَتَّى يَعْرِفَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ مُقَادَهُ إذَا سَارَ وَيَأْلَفَ مَكَانَهُ إذَا نَزَلَ ، فَلَا يَتَنَازَعُونَ فِيهِ وَلَا يَضِلُّونَ عَنْهُ .وَالثَّالِثُ : يَرْفُقُ بِهِمْ فِي السَّيْرِ حَتَّى لَا يَعْجِزَ عَنْهُ ضَعِيفُهُمْ وَلَا يَضِلَّ عَنْهُ مُنْقَطِعُهُمْ ، وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : * ( الضَّعِيفُ أَمِيرُ الرُّفْقَةِ ) * يُرِيدُ أَنَّ مَنْ ضَعُفَتْ دَوَابُّهُ كَانَ عَلَى الْقَوْمِ أَنْ يَسِيرُوا بِسَيْرِهِ .الرَّابِعُ : أَنْ يَسْلُكَ بِهِمْ أَوْضَحَ الطُّرُقِ وَأَخْصَبَهَا ، وَيَتَجَنَّبَ أَجَدْبَهَا وَأَوْعَرَهَا .وَالْخَامِسُ : أَنْ يَرْتَادَ لَهُمْ الْمِيَاهَ إذَا انْقَطَعَتْ وَالْمَرَاعِيَ إذَا قَلَّتْ .وَالسَّادِسُ : أَنْ يَحْرُسَهُمْ إذَا نَزَلُوا وَيَحُوطَهُمْ إذَا رَحَلُوا حَتَّى لَا يَتَخَطَّفَهُمْ دَاعِرٌ وَلَا يَطْمَعَ فِيهِمْ مُتَلَصِّصٌ .وَالسَّابِعُ : أَنْ يَمْنَعَ عَنْهُمْ مَنْ يَصُدُّهُمْ عَنْ الْمَسِيرِ وَيَدْفَعَ عَنْهُمْ مَنْ يَحْصُرُهُمْ عَنْ الْحَجِّ بِقِتَالٍ إنْ قَدَرَ عَلَيْهِ أَوْ بِبَذْلِ مَالٍ إنْ أَجَابَ الْحَجِيجُ إلَيْهِ وَلَا يَسَعُهُ أَنْ يُجْبِرَ أَحَدًا عَلَى بَذْلِ الْخَفَارَةِ إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا حَتَّى يَكُونَ بَاذِلًا لَهَا عَفْوًا وَمُجِيبًا إلَيْهَا طَوْعًا ، فَإِنْ بَذَلَ الْمَالَ عَلَى التَّمْكِينِ مِنْ الْحَجِّ لَا يَجِبُ .وَالثَّامِنُ : أَنْ يُصْلِحَ بَيْنَ الْمُتَشَاجِرِينَ وَيُتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمُتَنَازِعِينَ وَلَا يَتَعَرَّضَ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إجْبَارًا إلَّا أَنْ يُفَوَّضَ الْحُكْمُ إلَيْهِ فَيُعْتَبَرُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِهِ فَيَجُوزُ لَهُ حِينَئِذٍ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ ، فَإِنْ دَخَلُوا بَلَدًا فِيهِ حَاكِمٌ جَازَ لَهُ وَلِحَاكِمِ الْبَلَدِ أَنْ يَحْكُمَ بَيْنَهُمْ فَأَيُّهُمَا حَكَمَ نَفَذَ حُكْمُهُ وَلَوْ كَانَ التَّنَازُعُ بَيْنَ الْحَجِيجِ وَأَهْلِ الْبَلَدِ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمْ إلَّا حَاكِمُ الْبَلَدِ وَالتَّاسِعُ أَنْ يُقَوِّمَ زَائِغَهُمْ وَيُؤَدِّبَ خَائِنَهُمْ ، وَلَا يَتَجَاوَزَ التَّعْزِيرَ إلَى الْحَدِّ إلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَهُ فِيهِ فَيَسْتَوْفِيَهُ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ الِاجْتِهَادِ فِيهِ .فَإِنْ دَخَلَ بَلَدًا فِيهِ مَنْ