وتمسّك أصحابنا بأنّ تكليف العاجز عن الفعل بالفعل يعدّ سفهاً في الشاهد كتكليف الأعمى بالنظر ، فلا يجوز نسبته إلى الحكيم جلّ جلاله ، لتحقّق أنّ حكمة التكليف هو الابتلاء عندنا ، وإنّما يتحقّق ذلك فيما يفعله العبد باختياره فيثاب عليه أو يتركه باختياره فيعاقب عليه ، فإذا كان بحال لا يمكن وجود الفعل منه كان مجبوراً على ترك الفعل فيكون معذوراً في الامتناع ، فلا يتحقّق معنى الابتلاء . ويعرف باقي الكلام في علم الكلام » [1] . تصريح الرازي بعقيدة الجبر ونصّ الفخر الرازي على عقيدة الجبر ، قال بصحّتها ودافع عنها ، بتفسير قوله تعالى : ( لهم قلوبٌ لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذانٌ لا يسمعون بها ) أيضاً قال : « احتجّ أصحابنا بهذه الآية على صحّة قولهم في خلق الأعمال فقالوا : لا شكّ أنّ أولئك الكفّار كانت لهم قلوب يفقهون بها مصالحهم المتعلّقة بالدنيا ، ولاشكّ أنّه كانت لهم أعين يبصرون بها المرئيّات ، وآذانٌ يسمعون بها الكلمات ، فوجب أن يكون المراد من هذه الآيةتقييدها بما يرجع إلى الدين وهو أنّهم ما كانوا يفقهون بقلوبهم ما يرجع إلى مصالح الدين ، وما كانوا يبصرون ويسمعون ما يرجع إلى مصالح الدين ، وإذا ثبت هذا فنقول : ثبت أنّه تعالى كلّفهم بتحصيل الدين ، مع أنّ قلوبهم وأبصارهم وأسماعهم ما كانت صالحة لذلك ، وهو يرجي مجرى المنع عن الشيء والصدّ عنه مع الأمر به وذلك هو المطلوب . قالت المعتزلة : لو كانوا كذلك لقبح من الله تكليفهم ، لأنّ تكليف من لا