اسم الکتاب : اختيار مصباح السالكين المؤلف : البحراني، ابن ميثم الجزء : 1 صفحة : 490
سنّته : أقيموا هذين العمودين ، وخلاكم ذمّ . أنا بالأمس صاحبكم ، واليوم عبرة لكم ، وغدا مفارقكم إن أبق فانا ولىّ دمى ، وإن أفن فالفناء ميعادى ، وإن أعف فالعفو لي قربة ، وهو لكم حسنة ، فاعفوا * ( ( أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ الله لَكُمْ ) ) * [1] واللَّه ما فجأنى من الموت وارد كرهته ، ولا طالع أنكرته ، وما كنت إلَّا كقارب ورد ، وطالب وجد * ( ( وما عِنْدَ الله خَيْرٌ لِلأَبْرارِ ) ) * [2] . قال السيد - رضى اللَّه عنه - : وقد مضى بعض هذا الكلام فيما تقدّم من الخطب إلَّا أنّ فيه هاهنا زيادة أوجبت تكريره . اقول : استعار لفظ العمودين : لتوحيد اللَّه ، واتباع سنّة رسوله ، لقيام الدين بهما . وقوله : وخلاكم ذمّ من ممادح العرب . ونبّه بقوله : انا ، الى قوله : مفارقكم على وجوب العبرة بحاله . وقوله : وان اعف على تقدير البقاء ، فكأنه قال : فانا ولىّ دمي وان اقتص فذاك حقّي ، وان اعف فالعفو لي قربة . ولما كان عليه السلام سيّد الأولياء الذين هم أشدّ حبّا للَّه وأشوق الى لقائه ، لم يكن وارد الموت مكروها له ولا منكرا عنده بل محبوبا ومألوفا . فجأه الأمر : أتاه بغتة ، وشبّه نفسه فى شدّة طلبه للقاء اللَّه يومئذ بالقارب وهو طالب الماء اذا اورده بطالب الواجد لمطلوبه . 24 - ومن وصيّة له عليه السّلام بما يعمل فى أمواله ، كتبها بعد منصرفه من صفّين هذا ما أمر به عبد اللَّه علىّ بن أبى طالب أمير المؤمنين فى ماله ابتغاء وجه اللَّه ، ليولجه الجنّة ، ويعطيه به الأمنة . منها : وإنّه يقوم بذلك الحسن بن عليّ : يأكل منه بالمعروف ، وينفق فى المعروف ، فإن