صلَّى اللَّه عليه وآله كان من سنته انه إذا جيء بالأسارى صفّهم وكان ينظر إليهم فإذا رأى أحدا يبكي يسأل عن حاله وعن علَّة بكائه . وعلى كل حال الحبس والاعتقال لأجل العمل بوظيفة عقلية وشرعية لا للغرائز الحيوانية من الغضب والانتقام وإظهار التفوّق والاعتلاء . نعم إلا إذا كان إظهار التفوّق أو تحقير الأسير نكاية للعدو وبملاحظة مقاصد إلهيّة ، وقد أمر سبحانه وتعالى نبيه الكريم بالغلظة مع الكفّار والمنافقين في قوله تعالى : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ والْمُنافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ » [1] . وأمر المسلمين أيضا بذلك في قوله : « قاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ ولْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً » [2] . وقد مدح المسلمين أيضا بقوله : « أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ » [3] قال بعض المفسرين في تفسير قوله تعالى : « ولْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً » وعنفا في القتل والأسر كما قال : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ والْمُنافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ » والغلظة في زمن الحرب مما تقتضيه الطبيعة والمصلحة لما فيه من شدّة الضجر والمنع عن القبيح [4] . والغلظة على المقاتلين في زمن الحرب من مقتضيات الطبيعة
[1] التوبة : 73 والتحريم : 9 . [2] التوبة : 123 . [3] الفتح : 29 . [4] راجع في تفسير الآيات للميزان : ج 9 / 355 و 428 والمراغي : ج 10 / 50 ومحاسن التأويل : ج 8 / 261 وروح البيان : ج 3 / 538 والبرهان : ج 2 / 173 والمنار : ج 11 / 81 ومجمع البيان : ج 5 / 50 و 84 والرازي : ج 16 / 230 والتبيان : ج 5 / 373 .