وكيف كان فقد استدل على هذا القول بوجهين : الوجه الأول بمجموعة من النصوص التي جاءت بهذا اللسان أو قريبا منه ( من أحيى أرضا مواتا فهي له ) . وتقريب الاستدلال بها انها تدل باطلاقها على أن من يقوم بعملية احياء الأرض الموات واستثمارها يملك الأرض . ومن الطبيعي ان قضية ذلك لا محالة خروجها عن ملك صاحبها بعد خرابها ، والا لم يجز لغيره نهائيا ان يقوم باحيائها والتصرف فيها ، ولم يترتب على احيائه اثر وضعا . ولنأخذ بالمناقشة في هذا الدليل : اما أولا : فلان تلك المجموعة من النصوص لا تدل بوجه على خروج الأرض عن ملك صاحبها بعد خرابها ، لوضوح ان ما تدل عليه هذه المجموعة وتؤكده هو ان من يقوم باحيائها بملك . ومن الطبيعي ان تملكه لها بالاحياء لا ينافي عدم خروجها عن ملك صاحبها بصرف الخراب ، إذ من الممكن جزما ان تظل رقبة الأرض في ملكة بعد خرابها . وعلى الرغم من ذلك فيمكن للشارع ان يبيح لغيره القيام باحيائها لئلا تبقى الأرض معطلة ، فإذا قام غيره باحيائها ، وأنفق جهده في سبيل بعث الحياة فيها . وأصبحت حية ، فقد انقطعت بذلك علاقة صاحبها عنها نهائيا لا بصرف خرابها وتدخل بعد ذلك في ملكه . وبكلمة أخرى : ان تلك المجموعة تدل بالمطابقة على أن عملية الاحياء توجب تملك المحيى لرقبة الأرض ، ولا تدل ابدا على خروج الأرض عن ملك صاحبها بطرو الخراب ، إذ كما يحتمل ذلك يحتمل ان يكون خروجها عن ملكه بقيام غيره باحيائها : لا بخرابها فقط .