التناقضات الرأسمالية الصارخة في مستويات المعيشة . وفهمنا هذا لمبدأ التوازن الاجتماعي في الإسلام يقوم على أساس التدقيق في النصوص الإسلامية ، الذي يكشف عن إيمان هذه النصوص بالتوازن الاجتماعي كهدف ، واعطائها لهذا الهدف نفس المضمون الذي شرحناه وتأكيدها على توجيه الدولة إلى رفع معيشة الأفراد الذين يحيون حياة منخفضة ، تقريباً للمستويات بعضها من بعض ، بقصد الوصول أخيراً إلى حالة التوازن العام في مستوى المعيشة . فقد جاء في الحديث : أن الإمام موسى بن جعفر ذكر بشأن تحديد مسؤولية الوالي في أموال الزكاة : ( ( إن الوالي يأخذ المال فيوجهه الوجه الذي وجهه الله له ، على ثمانية أسهم ، للفقراء والمساكين . يقسمها بينهم بقدر ما يستغنون في سنتهم ، بلا ضيق ولا تقية . فان فضل من ذلك شيء ، رد إلى الوالي . وإن نقص من ذلك شيء وليم يكتفوا به ، كان على الوالي أن يمونهم من عنده بقدر سعتهم حتى يستغنوا ) ) [1] . وهذا النص يحدد بوضوح : أن الهدف النهائي الذي يحاول الإسلام تحقيقه ، ويلقي مسؤولية ذلك على ولي الأمر ، هو اغناء كل فرد في المجتمع الإسلامي [2] . وهذا ما نجده في كلام الشيباني ، على ما حدّث عنه شمس الدين السرخسي في المبسوط إذا يقول : ( على الإمام أن يتقي الله في صرف الأموال إلى المصارف فلا يدع فقيراً إلا أعطاء حقه من الصدقات حتى يغنيه وعياله . وإن احتاج بعض المسلمين ، وليس في بيت المال من الصدقات شيء ، اعطى الإمام ما يحتاجون اليه من بيت مال الخراج ، ولا يكون ذلك ديناً على بيت مال الصدقة لما بينا أن الخراج وما في معناه يصرف إلى حاجة المسلمين ) ) [3] . فتعميم الغنى هو الهدف الذي تضعه النصوص أمام ولي الأمر . ولكي نعرف المفهوم الإسلام للغنى ، يجب أن نحدد ذلك على ضوء النصوص أيضاً وإذا رجعنا
[1] لاحظ الأصول من الكافي ج 1 ، ص 541 . [2] لاحظ الأصول من الكافي ج 1 ، ص 314 ، الحديث 14 ، والوسائل ج 6 ، ص 359 ، الحديث 12610 ، وص 363 ، الحديث 12626 . [3] المبسوط للسرخسي ، ج 4 ، ص 18 .