ودرسنا أيضاً العمل حين يمارس مادة مملوكة لفرد آخر ، كما إذا غزل العامل الصوف الذي يملكه الراعي وعرفنا من رأي النظرية في هذه الحالة أن المادة تظل ملكاً لصاحبها ، وليس للعمل ولا لكل العناصر المادية التي تساهم في عملية الإنتاج نصيب فيها ، وإنما يجب على مالك المدة مكافأة تلك العناصر على الخدمات التي قدمتها اليه في تطوير المادة وتحسينها . ونريد الآن من خلال البناء العلوي الجديد أن ندرس هذه المكافأة التي تحصل عليها العناصر أو مصادر الإنتاج في هذه الحالة ، ونكتشف حدودها ونوعيتها ، وبالتالي أساسها النظري . وبتحديد نوع المكافأة التي يسمح لمصادر الإنتاج - من عمل وأرض وأداة إنتاج ورأس مال - بالحصول عليها نعرف المدى الذي سمح به الإسلام من الكسب نتيجة لملكية أحد مصادر الإنتاج ، وما هي المبررات النظرية في الإسلام لهذا الكسب القائم على أساس ملكية تلك المصادر . 1 - تنسيق البناء العلوي : ولنستخلص في عملية تنسيق للبناء العلوي الجديد النتائج العامة التي يؤدي إليها ، ثم نوحد بين تلك النتائج في مركب نظري مترابط . فالعمل وفقاً لهذا البناء العلوي من التشريع الإسلامي قد سمح له بأسلوبين لتحديد المكافأة التي يستحقها ، وترك للعامل الحق في اختيار أيهما شاء . أحدهما : أسلوب الأجرة . والآخر : أسلوب المشاركة في الأرباح أو الناتج فمن حق العامل أن يطلب مالاً محدداً نوعاً وكماً مكافأة له على عمله ، كما يحق له أن يطالب باشراكه في الربح والناتج ، ويتفق مع صاحب المال على نسبة مئوية من الربح أو الناتج ، تحدد لتكون مكافأة له على عمله ، ويمتاز الأسلوب الأول بعنصر الضمان ، فالعامل إذا اقتنع ، بأن يكافأ بقدر محدد من المال - وهذا ما نطلق عليه اسم الاجر والأجرة - كان على صاحب المال دفع هذا القدر المحدد له بقطع النظر عن نتائج