ومناجم وعيون ، في أعمال الاحتكار والقوة ، التي لا قيمة لها في النظرية ، وندرج حيازة الثروات التي تنقل وتحمل ، في أعمال الانتفاع والاستثمار ، التي هي المصدر الوحيد للحقوق الخاصة في الثروات الطبيعية . ونخرج من ذلك بنتيجة وهي : أن الصفة الاقتصادية للعمل شرط ضروري في إنتاجه للحقوق الخاصة ، فلا يكون العلم مصدراً لتملك المال ما لم يكن بطبيعته من أعمال الانتفاع والاستثمار [1] . النظرية تميز بين الأعمال ذات الصفة الاقتصادية : ولنأخذ الآن أعمال الانتفاع والاستثمار ، التي تحمل الطابع الاقتصادي لندرس موقف النظرية من تقييمها ، ونوع الحقوق التي تقيمها على أساسها . ولا نحتاج في هذا المجال إلى أكثر من تتبع الفقرة الثانية والفقرة العاشرة من البناء العلوي السابق ، لنعرف أن الشريعة لا تمنح الفرد دائماً الحق والملكية في مصادر الثروة الطبيعية ، من أرض ومناجم وعيون ، بمجرد ممارسة الفرد فيها لعمل خاص من أعمال الانتفاع والاستثمار . فنحن نرى ، مثلاً في الفقرة الثانية ، أن ممارسة الزراعة في أرض عامرة بطبيعتها لا يمنح الفرد الزارع من الحق فيها ، ما يمنحه الإحياء في أرض ميتة . ونلاحظ في الفقرة العاشرة أيضاً ، أن الانتفاع بالأرض باتخاذها مرعى لا يعطي الراعي حقاً في تملك الأرض ، مع أن استخدامه لها في الرعي عمل من أعمال الانتفاع والاستثمار . فهناك إذن فارق بجب اكتشافه ، بين احياء الأرض وما اليه من أعمال ، وبين استثمار الأرض العامرة في الزراعة والرعي ، بالرغم من أن هذه الاعمال ، تبدو جميعاً ذات صفة اقتصادية وألواناً من الانتفاع والاستثمار لمصادر الثروة الطبيعية . وباكتشاف ذلك الفارق نتقدم مرحلة جديدة في تحديد النظرية العامة واستيعابها .
[1] لاحظ الروضة في شرح اللمعة ج 7 ، ص 135 ، وجواهر الكلام ج 36 ، ص 203 و 204 وج 38 ، ص 32 ، 63 و 112 .