responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 511


وأما النوع الثاني من العمل فلا قيمة له ، لأنه مظهر من مظاهر القوة وليس نشاطاً اقتصادياً من نشاطات الانتفاع والاستثمار للطبيعة وثروتها . والقوة لا تتكون مصدراً للحقوق الخاصة ولا مبرراً كافياً لها . وعلى هذا الأساس ألغت النظرية العامة العمل لحيازة الأرض والاستيلاء عليها ولم تقم على أساسه أي حق من الحقوق الخاصة ، لأنه في الحقيقة ، من أعمال القوة ، لا من أعمال الانتفاع والاستثمار .
الحيازة ذات طابع مزدوج :
ونحن حين نقرر هذا ، قد نواجه السؤال عن الفرق بين حيازة الأرض ، وحيازة الحجر بحمله من الصحراء ، والخشب باحتطابه من الغابة ، والماء باغترافه من النهر ، فإذا كانت الحيازة مظهر قوة وليست ذات صفة اقتصادية كأعمال الانتفاع والاستثمار فكيف جاز للإسلام أن يفرق بين حيازة الأرض وحيازة الخشب ، ويمنح الأخيرة حقوقاً خاصة ، بينما يلغي الأولى ويجردها من كل الحقوق ؟ .
وجواباً على هذا السؤال : ان التمييز بين أعمل الانتفاع والاستثمار وأعمال الاحتكار والاستئثار ، في النظرية الإسلامية ، لا يقوم على أساس شكل العمل . بل قد يتخذ الشكل الواحد للعمل طابع الانتفاع والاستثمار تارة وطابع الاحتكار والاستئثار ، تارة أخرى ، تبعاً لطبيعة المجال الذي يشتغل فيه العامل ، ونوع الثورة التي يمارسها ، فالحيازة - مثلاً - وإن كانت من الناحية الشكلية نوعاً واحداً من العمل ، ولكنها تختلف في حساب النظرية العامة باختلاف نوع الثروة التي يسيطر عليها الفرد ، لأن حيازة الخشب بالاحتطاب ، والحجر بنقله من الصحراء - مثلاً - عمل من أعمال الانتفاع والاستثمار . وأما حيازة الأرض والاستيلاء على منجم أو على عين ماء فليس من تلك الأعمال ، بل هو مظهر من مظاهر القوة والتحكم في الآخرين .
ولكي نبرهن على ذلك ، يمكننا أن نفترض انساناً ، يعيش بمفردة في مساحة كبيرة من الأرض ، غنية بالعيون والمناجم والثروات الطبيعية ، بعيداً عن المنافسة والمزاحمة ، وندرس سلوكه ، وما يمارسه من ألوان الحيازة .

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 511
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست