responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 491


وهذا التصرف من الحاكم ، وإن عبر في مدلوله التاريخي أحياناً ، وبدون حق ، عن عملية تمليك سافرة لرقبة الأرض ، ولكنه في مدلوله الفقهي وحدوده المشروعة ، لا يعني شيئاً من ذلك وإنما يعتبر أسلوباً في تسديد الأجور والمكافات ، التي تلتزم الدولة بدفعها إلى الأفراد نظير ما يقدمون من أعمال وخدمات عامة .
ولكي نعرف ذلك ، يجب أن نستذكر أن الخراج - وهو المال الذي تتقاضاه الدولة من المزارعين - يعتبر ملكاً للأمة ، تبعاً لملكية الأرض نفسها [1] . ولهذا يجب على الدولة أن تصرف أموال الخراج في المصالح العامة للأمة ، كما نص على ذلك الفقهاء ، ممثلين لتلك المصالح بمؤنة الولاة والقضاة ، وبناء المساجد والقناطر ، وغير ذلك لأن الولاة والقضاة يقدمون خدمة للأمة ، فيجب أن تقوم الأمة بمؤنتهم ، كما أن المساجد والقناطر من المرافق العامة ، التي ترتبط بحياة الناس جميعاً ، فيجوز إنشاؤها من أموال الأمة وحقوقها في الخراج .
وواضح أن قيام الدولة بمؤنة الوالي والقاضي أو مكافأة أي فرد قدم خدمة عامة لمجموع الأمة ، قد يكون باعطاء الدولة له من بين المال مباشرة ، وقد يكون أيضاً بالسماح له بالحصول مباشرة على ريع بعض أملاك الأمة . والدولة تتبع عادة الأسلوب الثاني ، إذا كانت لا تتمتع بإدارة مركزية قوية .
ففي المجتمع الإسلامي قد تسدد أجور ونفقات الافراد ، الذين يقدمون خدمات عامة للأمة ، بصورة نقدية ، كما قد يتفق - تبعاً لظروف الإدارة في الدولة الإسلامية - أن تسدد تلك الأجور والنفقات ، عن طريق منح الدولة لفرد الحق في السيطرة على خراج أرض محدودة من أراضي الأمة ، وأخذه من المزارعين مباشرة ، باعتباره أجرة لفرد على الخدمة التي يقدمها للأمة ، فيطلق على هذا اسم : ( الاقطاع ) . ولكنه ليس إقطاعاً في الحقيقة ، وإنما هو تكليف للفرد بأن يتقاضى أجره من خراج مساحة معينة من الأرض ، يحصل عليه عن طريق الاتصال بالمزارع .
فالفرد المقطع يملك الخراج ، بوصفه أجرة على خدمة عامة قدمها للأمة ،



[1] لاحظ المبسوط ج 2 ، ص 34 .

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 491
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست