responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 462


وحين نريد أن نفسر هذا الحق السابق على عمليات الاغتصاب ، يجب أن ندع جانباً التفسير بالقوة والعنف ، لنفتش عن سببه ، في نوع العلاقة التي كانت قائمة بين الأرض وأصحاب الحق فيها . ومن ناحية أخرى أن هذا الشخص الغاصب ، الذي نفترض أنه كان يستولي على الأرض بالقوة . لم يكن على الأكبر شخصاً طريداً لا مأوى له ولا أرض ، بل هو - في أقرب صورة إلى القبول - شخص استطاعه أن يعمل في مساحة من الأرض ويستثمرها ، واتسعت امكاناته بالتدريج ، فأخذ يفكر بالاستيلاء بالعنف على مساحات جديدة من الأرض . فهناك إذن قبل العنف والقوة العمل المثمر والحق القائم على أساس العمل والاستثمار .
وأقرب الأشياء إلى القبول ، حين نتصور طائفة بدائية تسكن في أرض وتدخل الحياة الزراعية . . أن يشغل كل فرد فيها مساحة من تلك الأرض ، تبعاً لإمكاناته ، ويعمل لاستثمارها . ومن خلال هذا التقسيم الذي يبدأ بوصفه تقسيماً للعمل - إذ لا يتاح لجميع المزارعين المساهمة في كسل شبر - تنشأ الحقوق الخاصة للافراد ، ويصبح لكل فرد حقه في الأرض ، التي أجهدته وامتصت عمله وأتعابه . وتظهر بعد ذلك عوامل العنف والقوة ، حين يأخذ الأكثر قدرة وقوة يغزو أراضي الآخرين ويستولي على مزارعهم .
ولسنا نريد بهذا أن نبرر الحقوق والملكيات الخاصة للأرض ، التي مرت في تاريخ الانسان ، وإنما نستهدف القول . بأن الاحياء - العمل في الأرض - هو - في أكبر الظن - السبب الأول الوحيد ، الذي اعترفت به المجتمعات الفطرية ، بوصفه مصدراً لحق الفرد في الأرض ، التي أحياها وعمل فيها ، والأسباب الأخرى كلها عوامل ثانوية ، ولدتها الظروف والتعقيدات ، التي كانت تبتعد بالمجتمعات الأولى عن وضعها الفطري وإلهامها الطبيعي .
وقد فقد السبب الأول اعتباره تاريخياً بالتدريج ، خلال نمو هذه العوامل الثانوية ، وتزايد سيطرة الهوة على الفطرة ، حتى امتلأ تاريخ الملكية الخاصة للأرض بألوان من الظلم والاحتكار ، وضاقت الأرض على جماهير الناس ، بقدر ما اتسعت

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 462
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست