responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 306


غير أن المشكلة في رأينا تبدو بصورة أكثر وضوحاً حين ندرس الشروط الثاني .
فإن النقطة الأساسية في المشكلة ليست هي : كيف يدرك الإنسان المصالح الاجتماعية [1] ؟ بلى المشكلة الأساسية هي : كيف يندفع هذا الإنسان إلى تحقيقها وتنظيم المجتمع بالشكل الذي يضمنها ؟ ومثار المشكلة هو أن المصلحة الاجتماعية لا تقف في أكثر الأحايين مع الدافع الذاتي ، لتناقضها مع المصالح الخاصة للافراد . فإن الدافع الذاتي ، لتناقضها مع المصالح الخاصة للافراد . فإن الدافع الذاتي الذي كان يضمن اندفاع الإنسان نحو المصالح الطبيعية للانسان ، لا يقف الموقف نفسه من مصالحها الاجتماعية ، فبينما كان الدافع الذاتي يجعل الإنسان يحاول إيجاد دواء للسل ، لأن إيجاد هذا الدواء من مصلحة الأفراد جميعاً . . نجد أن هذا الدافع الذاتي نفسه يحول دون تحقيق كثير من المصالح الاجتماعية ، ويمنع عن إيجاد التنظيم الذي يكفل تلك المصالح أو عن تنفيذه . فضمان معيشة العامل حال التعطل يتعارض مع مصلحة الأغنياء ، الذي سيكلفون بتسديد نفقات هذا الضمان . وتأميم الأرض يتناقض مع مصلحة أولئك الذين يمكنهم احتكار الأرض لأنفسهم . وهكذا كل مصلحة اجتماعية ، فإنها تمنى بمعارضة الدوافع الذاتية من الأفراد ، الذين تختلف مصلحتهم عن تلك المصلحة الاجتماعية العامة .
وفي هذا الضوء نعرف الفارق الأساسي بين المصالح الطبيعية والمصالح الاجتماعية . فإن الدوافع الذاتية للأفراد لا تصطدم بالمصالح الطبيعية للانسانية ، بل تدفع الأفراد إلى إيجادها واستثمار الوعي التأملي في هذا السبيل ، وبذلك كان النوع الإنساني بكل الإمكانات التي تكفل له مصالحه الطبيعية ، بصورة تدريجية وفقاً لدرجة تلك الإمكانات التي تنمو عبر التجربة . وعلى العكس من ذلك المصالح الاجتماعية ، فإن الدوافع الذاتية التي تنبع من حب الانسان لنفسه ، وتدفعه إلى تقديم صالحه على صالح الآخرين ، إن تلك الدوافع تحول دون استثمار الوعي العملي عند



[1] قمنا بدراسة واسعة لتقييم امكانات الانسان للوصول فكرياً إلى التنظيم الاجتماعي الأصلح وإدراك المصالح الاجتماعية الحقيقية في كتابنا ( الانسان المعاصر والمشكلة الاجتماعية ) وشرحت هناك دور التجارب الاجتماعية والعلمية ومدى عطائها في هذا المجال .

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 306
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست