والصورة الإسلامية للعدالة الاجتماعية تحتوي على مبدئين عامين ، كل منهما خطوطه وتفصيلاته : أحدهما : مبدأ التكافل العام ، والآخر : مبدأ التوازن الاجتماعي . وفي التكافل والتوازن بمفهومهما الإسلامي ، تحقق القيم الاجتماعية العادلة ، ويوجد المثل الإسلامي للعدالة الاجتماعية ، كما سنرى في فصل قادم [1] . وخطوات الإسلام التي خطاها في سبيل إيجاد المجتمع الإنساني الأفضل ، عبر تجربته التاريخية المشعة ، كانت واضحة وصريحة في اهتمامه بهذا الركن الرئيسي من اقتصاده . وقد انعكس هذا الاهتمام - بوضوح - في الخطاب الأول الذي ألقاه النبي ( ص ) ، وفي أول عمل سياسي باشره في دولته الجديدة . فإن الرسول الأعظم دشن بياناته التوجيهية - كما في الرواية - بخطابه هذا : ( ( أما بعد أيها الناس فقدموا لأنفسكم ، تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع ، ثم ليقولن له ربه ألم يأتك رسولي فبلغك ، وآتيتك مالاً وأفضلت عليك ؟ ! فما قدمت لنفسك ؟ ! فلينظرن يميناً وشمالاً فلا يرى شيئاً ، ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم . فمن استطاع أن يقي وجهه من النار - ولو بشق تمرة - فليفعل ، ومن لم يجد فبكلمة طيبة ، فإنها تجزي الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) ) [2] . وبدأ عمله السياسي بالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ، وتطبيق مبدأ التكافل بينهم ، بغية تحقيق العدالة الاجتماعية التي يتوخاها الإسلام . فهذه هي الأركان الأساسية في الاقتصاد الإسلامي : أولا : ملكية ذات أشكال متنوعة ، يتحدد التوزيع في ضوئها [3] .
[1] راجع الضمان الاجتماعي ص 661 ، والتوازن الاجتماعي ص 671 من الكتاب . [2] كنز العمال ج 6 ، ص 367 ، الحديث 16101 ، مع اختلاف . [3] لاحظ شرائع ج 3 ص 736 ، ومفتاح الكرامة ج 7 ، ص 3 و 9 .