responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 265


هذه الحالة تفسح المجال للتنافس ، الذي سرعان ما يؤدي إلى صراع عنيف ، تحطيم فيه المشاريع القوية غيرها ، وتبدأ باحتكار الإنتاج تدريجياً ، حتى تختفي كل ألوان التنافس وثمرات مضمار الإنتاج . فالتنافس الحر بالمعنى الذي ينمي الإنتاج لا يواكب الحرية الرأسمالية إلا شوطاً محدوداً ، ثم يخلي الميدان بعد ذلك للاحتكار ، ما دامت الحرية الرأسمالية هي التي تمتلك الموقف الاقتصادي .
أما الخطأ الآخر الأساسي في الفكرة ، فهو في تقدير قيمة الإنتاج كما ذكرنا . فهب أن الحرية الرأسمالية تؤدي إلى وفرة الإنتاج ، وتنميته نوعياً وكمياً ، وإن التنافس الحر سيستمر في ظل الرأسمالية ، ويحقق إنتاج السلعة بأقل نفقة ممكنة فإن هذا لا يبرهن على قدرة الرأسمالية على توفير سعادة المجتمع ، وإنما يشير إلى قدرة المجتمع في ظلها على تحسين الإنتاج وتحقيق أكبر كمية ممكنة من السلع والخدمات . وليست هذه القدرة هي كل شيء في حساب الرفاه الاجتماعي ، الذي يعتبر المذهب مسؤولاً عن ضمانه ، وإنما هي قدرة أو طاقة قد تنفق بالشكل الذي يكفل الرفاه والسعادة للمجتمع ، كما قد تنفق بشكل معاكس . والشيء الذي يحدد الشكل الذي تنفق به الطاقة الاجتماعية للإنتاج ، هو الأسلوب المتبع في توزيع الناتج العام على أفراد المجتمع . فالرفاه العام إذن لا يتعلق بكمية الناتج العام ، بمقدار ما يتعلق بكيفية تقسيم هذا الناتج على الأفراد .
والمذهب الرأسمالي أعجز ما يكون عن امتلاك الكفاءة التوزيعية ، التي تضمن رفاه المجتمع وسعادة الجميع ، لأن الرأسمالية المذهبية تعتمد في التوزيع على جهاز الثمن ، وهو يعني : أن من لا يملك ثمن السلعة ليس له حق في العيش والحياة . وبذلك يقضى بالموت أو الحرمان على من كان عاجزاً عن اكتساب هذا الثمن لعدم قدرته على المساهمة في إنتاج السلع والخدمات ، أو لعدم تهئ فرصة للمساهمة ، أو لوقوعه فريسة بيد منافسين في المجتمعات الرأسمالية ، من أفجع الكوارث الإنسانية ، لأن العامل حين يستغني الرأسمالي عن خدماته ، لأي سبب من الأسباب ، لا يجد الثمن

اسم الکتاب : اقتصادنا المؤلف : الصدر، السيد محمد باقر    الجزء : 1  صفحة : 265
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست