تحقيقها بدوافعه الذاتية ، ومصالح المجتمع التي يتوقف عليها كيانه العام . فإن مصالح الفرد والمجتمع إذا كانت متوافقة ، فليس على المذهب الاجتماعي الذي يستهدف ضمان الصالح الاجتماعي ، إلا أن يطلق الحرية للفرد ، ويفسح المجال لدوافعه الذاتية أن تقوده إلى تحقيق مصالحه الخاصة ، التي تؤدي بصورة آلية إلى توفير المصالح العامة . فالحرية على أساس هذه الفكرة ، ليست إلا أداة لتوفير تلك المصالح العامة وضمان ما يتطلبه المجتمع من خير ورفاه ، وبصفتها أداة لذلك تكون جديرة بمركزها القاعدي في المذهب . وهي تارة أخرى : ترتبط بفكرة تنمية الإنتاج ، وترتكز على الرأي القائل : أن الحرية الاقتصادية هي أفضل قوة دافعة للقوة المنتجة ، وأكفأ وسيلة لتفجير كل الطاقات والإمكانات وتجنيدها للإنتاج العام ، وبالتالي الأولى ، لأنه يعبر عن جانب من جوانب الصالح العام ، وهو توفير الإنتاج الاجتماعي الذي يمكن تحقيقه عن طريق الحرية . وهناك فكرة ثالثة : يرتبط بها ومفهوم الحرية الرأسمالية ، وهي فكرة ذات طابع خلقي خالص ، يستعمل الرأسماليون عادة في التعبير عنها عبارات غائمة ، أو غير واضحة كل الوضوح ، فيكررون القول : بأن الحرية بوجه عام حق إنساني أصيل ، وتعبير عملي عن الكرامة البشرية ، وعن شعور الإنسان بها . فليست هي مجرد أداة للرفاه الاجتماعي أو لتنمية الإنتاج ، وإنما هي تحقيق لإنسانية الإنسان ، ووجوده الطبيعي الصحيح . ومن الواضح أن القيمة المذهبية للحرية الاقتصادية ، على أساس الفكرتين الأوليتين ، قيمة موضوعية ، مردها إلى النتائج والآثار التي تؤدي إليها في واقع الحياة . وأما على أساس الفكرة الثالثة ، فللحرية بوجه عام - التي تعتبر الحرية الاقتصادية جانباً منها - قيمة ذاتية يميلها شعور الانسان بكرامته وإنسانيته . هذه هي الأفكار التي تبرر الرأسمالية عادة عن طرقها مفهومها عن الحرية ، وضرورة اعتبارها قاعدة في التصميم الاجتماعي الذي يدعو اليه المذهبيون .