القول في اللبأ والزبد والجبن فأما اللبأ [1] فهو أغلظ من اللبن وأعسر انهضاما وأبعد انحدارا ، وذلك لعدمه مائية اللبن ورطوبة الجوهرية ، من قبل أنه يمكث في الضرع أياما قرب وضع الحيوان حمله قبل [2] أن يحلب فينشف حرارته الهواء ورطوبته الجوهرية ومائيته . ويستدل على غلظه وبعد انهضامه بسرعة ما يولده ‹ في › المعدة من البشم [3] والتخم لا سيما إذا أخذ بغير عسل ولا غيره من الحلاوة المعينة على انحداره بجلائها وتنقيتها . ولذلك صار أكثر تولدا للدم والاخلاط الغليظة من اللبن كثيرا . فإذا انحدر عن المعدة وصار إلى المعاء ، أثقلها بغلظه وبعد انقياده وتهبط القوة وجلت عن تدبيره وانحدر بسرعة وأسهل البطن إسهالا نيا فجا . وكثيرا ما يولد العلة المعروفة بزلق المعاء والعلة المعروفة بالهيضة [4] . وما عقد من اللبأ في قدر في جوف قدر مملوءة ماء ، كان ألطف مما عقد على نار أو على رماد حار ، لان الماء الذي في القدر الخارجة عنه يفيده رطوبة وليانة وسرعة انهضام ، وإن كان بعد الانهضام مخصوصا به بالطبع . القول في الزبد [5] وأما الزبد فقد بينا في المقالة [6] الأولى في كتابنا أنه مساو [7] لطبيعة الشحم والسمن ، أعني بالشحم المجاور للعظام واللحم . ولذلك صار إذا استعمله من كان محتاجا إلى أن ينفث من رئته وصدره شيئا عند الأورام المتولدة في الرئة أو في الحجاب المعروف بديافرغما [8] ، أعان على ذلك وأنضج
[1] اللبأ ، جمع الباء : أول اللبن عند الولادة . [2] بعدها في الأصل : ( وقت ) ملغة بشطبة . [3] بشم بشما : تخم . [4] هي انطلاق البطن . [5] هذا العنوان مستدرك في الهامش . [6] في الأصل : المقا . [7] في الأصل : مساويا . [8] في الأصل : بريفرغما .