responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 556


واليتوع ، فصار لبنه مذموما فاسدا رديئا للمعدة ومضرا بعصبها .
وقد حقق ذلك ديسقوريدس في قول قاله فيه ، زعم أنه شاهد ماعزا يرعى ورق الخربق الأبيض كان يعرض له منه أول ما يرتعيه القئ . ويعرض لشارب لبنه استرخاء في معدته وغثي شديد .
فأما اختلاف اللبن بحسب مدة زمانه وقصرها ، وقربه من الخروج من الضرع وبعده من ذلك ، فيكون على ثلاثة ضروب : لان منه الحديث القريب العهد بالخروج من الضرع وهو الحلو المعروف بالحليب . ومنه العتيق البعيد العهد بالخروج من الضرع وهو الحامض المعروف بالدوغ [1] . ومنه المتوسط بين ذلك وهو الرائب المعروف بالماست .
لان ذلك مما ينقي الفضول ويغسل اللثة . وأما إضراره بالرأس فلما يرتقي إليه من غذائه إذا استحال في المعدة وفسد وغلظ فيها وتجبن . وأما إضراره بالمعدة فإنه إذا كثر فيها وبعد انهضامه ، استحال إما إلى الدخانية وجنس المرار فيمن كان مزاج معدته محرورا جافا ، وإما إلى الحموضة وجنس العفونة فيمن كان مزاج معدته باردا مرطوبا من قبل أن الحموضة إنما تتولد عن نقصان الحرارة ، وزيادة الرطوبة الدخانية تتولد عن قوة الحرارة ، وقلة الرطوبة . ولذلك قال جالينوس : إن اللبن الحليب ، وإن كان أفضل الألبان وأحمدها ، فقد يعرض من اختلاف حالاته في المعدة : إما أن يحمض فيها أحيانا أو دائما أو يستحيل إلى الدخانية وجنس المرار أحيانا أو دائما . والسبب في كون ذلك أحيانا أو دائما أن استحالته في المعدة لا تخلو من جهتين : إما لتغيير مزاج المعدة في ذاتها في الخلقة والبنية ، وإما لما يصادفه في تجويفها من فضول أو أغذية موجبة لفساده . فإن كان ذلك عن تغير مزاج المعدة في ذاتها من البنية ، كانت استحالة اللبن فيها دائما لدوام تغير مزاجها وثباته . وإن كان ذلك لما صادفه في تجويفها من الفضول أو الأغذية الموجبة لفساده [2] . وإنما أمكن في اللبن قبول هذين العرضين على تضاد ما فيه من الجبنية والسمنية ، لان الجبنية لبرودتها وغلظها وبعد انهضامها تستحيل كثيرا إلى الحموضة والعفونة ، وبخاصة متى وافت [3] في المعدة فضولا بلغمانية وأغذية رطبة قابلة للعفونة . وأما السمنية ، فللطافتها وقربها من طبيعة الهواء بالكيفيتين جميعا ، أعني الحرارة والرطوبة ، ومن طبيعة النار بالكيفية الفاعلة ، أعني الحرارة ، أمكن استحالتها إلى الدخانية وجنس المرار وبخاصة فيمن وافت ( 2 ) في معدته فضولا مرية أو أغذية حارة قابلة للاحتراق .
ولذلك وجب أن لا يستعمل اللبن إلا على نقاء المعدة من الفضول وخلائها من الغذاء بعد أن يكون اللبن أيضا من حيوان صحيح حسن المزاج معتدل الشحم ، لان اللبن إذا كان من حيوان هزيل أو



[1] هو المخيض .
[2] كذا في الأصل . وفي الكلام انقطاع ، ولعله : ( كانت استحالة اللبن فيها أحيانا لعدم مصادفتها لها دائما ) .
[3] في الأصل : وافى .

اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 556
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست