بسم الله الرحمن الرحيم مقدمة تكمن أهمية الصحة للانسان في أنها وراء تحقيق مطالبه كلها ، والتي أجمع الحكماء انها لا تعدو أن تكون اما لذة يحققها في دنياه ، أو خيرا يرجوه في آخرته . وإذا كان علم الطب يهدف إلى حفظ الصحة الموجودة ، ورد الصحة المفقودة ، فإنه اكتسب أهمية بالغة ، وأحيط بهالة من الجلالة ليس أدل عليها أكثر من الاختلاف القائم حول منشأه ، حيث أنكر كثيرون ، يمثلهم جالينوس ، قدرة عقل الانسان على ادراك هذا العلم الجليل ، وأعادوه إلى قدرة الخالق تعالى الذي ألهمه الناس . وإذا كانت غاية الدواء هي مقاومة الداء ومعالجته لرد الصحة إلى حال العافية ، فان الغذاء هو قوام نماء الانسان والحفاظ على الصحة الموجودة وتحصينها ضد المرض . إن الغذاء والدواء هما وجها صناعة الطب ، " فيحاول صاحبها حفظ الصحة وبرء المرض بالأدوية والأغذية بعد أن يتبين المرض الذي يخص كل عضو من أعضاء البدن والأسباب التي تنشأ عنها " . وهذا من تعريف ابن خلدون لهذه الصناعة . وطبيعي أن تكون الأغذية مقدمة على الأدوية في علاج الانسان لبدنه " فان استطاع الحكيم ان يعالج بالأغذية دون الأدوية ، فقد وافق السعادة " بتعبير الرازي ، الطبيب الكبير . بدأت صناعة الطب كإحدى الضرورات الانسانية المبكرة ، إذ لا شك ان المرض هدد الانسان منذ وجد ، وغدا صلاحه من همومه الأولى . ومع تطور هذه الصناعة وسطوعها عند بعض الشعوب ، خاصة اليونان ، كان للعرب والمسلمين اهتمامات بها وإسهامات اعترف لهم بها غربيون كثر . وهي لا تقل عن تلك التي حققوها في الرياضيات