responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 104


فيه أزيد من الحرارة كثيرا ، كانت رطوبته مجاورة للمقدار المعتدل الا انه ينقسم ثلاثة اقسام : وذلك أن منه ما هو سيال مياع مثل دسم اللحم الأحمر الكائن من حيوان سمين ، أعني الدهنية الموجودة في تخلخل اللحم السمين . ومنه الغليظ الجامد المحرم على بني إسرائيل في التوراة ، مثل شحم الثرب [1] والكلى . ومنه السمين المتوسط بين هاتين المرتبتين مثل الشحم الرطب اللين المخالط للحم والعظم ، أعني شحم الأضلاع والأكتاف والخواصر وغير ذلك [2] مما أحلته التوراة لبني إسرائيل .
وأما الضربان [3] الأول والثالث منها [4] : أعني الدسم والسمين ، فان سيلانهما وانمياعهما يدلان على أن الغذاء المتولد عنهما متوسط بين الرقة والغلظ . وأما الضرب الثاني : أعني الشحم الغليظ الجامد ، فان جموده وغلظه يدلان على أن الغذاء المتولد عنه غليظ لزج لان الشحم في طبيعته أغلظ من الدسم والسمين كثيرا . ولذلك قال جالينوس : ان الشحم على ضربين : لان منه ما هو لين رخو وهو الذي إذا ذاب بحرارة النار وبرد بقي بمنزلة الزيت العتيق الذي قد غلظ قليلا لقدمه . ومنه ما هو غليظ جامد وهو الذي إذا ذاب بحرارة النار وبرد ، جمد بسرعة وغلظ ، وهذا النوع من [5] خاصة يكون على ضربين : وذلك أن منه ما هو من حيوان مائي مثل السمك . ومنه ما هو من حيوان ارضى مثل المواشي .
فما كان منه من حيوان مائي ذاب سريعا ولم يجمد سريعا . وما كان منه من حيوان ارضى ، فإنه لا يكاد أن يذوب سريعا لكنه يجمد بسرعة . ولذلك صار شحم الحيوان المائي أكثر من دسمه ، ودسم الحيوان الأرضي أكثر من شحمه . وقد يستدل على ذلك من جهتين : إحداهما : حسا والأخرى [6] قياسا . أما من الحس فلانا إذا لمسنا لحم الحيوان الأرضي اكتسبت [7] يدنا منه دسما زيتيا ودهنية ظاهرة . وإذا تطاعمناه وجدنا له عذوبة ودسومة . وأما الحيوان المائي فليس كذلك لأنا إذا لمسناه لم تعلق بأيدينا منه الدهنية الا اليسير جدا ، إذا كان سمينا ، وإذا تطاعمناه لم نجد من العذوبة والدسومة ما نجده للحيوان الأرضي .
ولذلك صار الانسان يقدر ان يأكل من الحيوان المائي ما لا يقدر ‹ أن › يأكله من الحيوان الأرضي ، من قبل ان عذوبة الحيوان الأرضي وكثرة دسمه تشبع بسرعة .
وأما من القياس فلان الحيوان المائي أكثر رطوبة بالطبع ، والرطوبة إذا كثرت في الحيوان فضل أكثرها من غذاء الأعضاء واحتاجت الأعضاء إلى أن تقذف ما فضل من غذائها وترسله عنها إلى باطن البدن وعمقه ، لأنه مغيض للفضول ، فإذا صار هناك وكثر ، انطبخ طبخا ثانيا وغلظ وجمد وصار شحما .
وأما الحيوان الأرضي ، فليس كذلك لان رطوبته بالإضافة إلى رطوبة الحيوان المائي أقل كثيرا ، وإذا قلت الرطوبة في الحيوان نقصت عن غذاء الأعضاء ، واحتاجت الأعضاء إلى أن تسلبها إليها دائما



[1] الثرب : الشحم الرقيق يغشى الكرش والأمعاء .
[2] ( وغير ذلك ) مضافة في الهامش .
[3] في الأصل ( الضرب ) بالمفرد .
[4] في الأصل : منهما .
[5] كذا في الأصل . ولعلها : منهما .
[6] في الأصل : الآخر .
[7] في الأصل : اكتسب .

اسم الکتاب : الأغذية والأدوية المؤلف : الإسرائيلي، إسحاق بن سليمان    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست