responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 54


قبل أن نحتلم ، فإن الأمور حينئذ لا حكم لها علينا لا بحظر ولا إباحة ، ولا فرق بين كونهما كذلك قبل البلوغ بنصف ساعة وبين كونهما كذلك بعد البلوغ وكلا الامرين في العقول سواء . وما في العقل إيجاب الشرع على من احتلم وسقوطه عمن لم يحتلم . وليس بين الامرين إلا نومة لطيفة ، فبطل بهذا ما ادعوه من أن العقول فيها حظر شئ أو إباحته قبل ورود الشرع وموافاة الخطاب من الله عز وجل ، ولو كان كذلك للزم غير المحتلم كلزومه المحتلم إذ موجب العقل لا يختلف .
قال علي : ويقال لمن قال : لكل شئ مباح في العقل ، إلا الفكر ، أليس إقرار المرء بلسانه بالتثليث غير متبع له إنكارا . كفرا من قائله ، فإن قال : لا . كفر ، وإن قال : نعم . قيل له صدقت ، وقد أباح الله تعالى الاعلان به دون اتباع أفكار لمن اضطر وخاف الأذى . وقد أباح الله تعالى عند خوف القتل الكفر الصحيح الذي هو كفر في غير تلك الحال ، ولسنا نسألهم عن الكفر الذي هو العقد ، إنما نسألهم عن الكفر الذي هو النطق به فقط ، لان بعضهم قال : لم يبح الله تعالى قط الكفر ، لان الكفر الذي هو العقد ، ولا خلاف بين من يعتد به في النطق بالكفر دون اتباع بإنكار ولا حكاية ، كفر صحيح ، فعن هذا الكفر سألناهم وهم يقرون بأن امرأ لو قال بلسانه : أنا كافر بالاسلام ، مقر بالتثليث ، إن هذا كفر ، وإنه مرتد ، وهذا بعينه الذي أبيح عند الاكراه ، فقد جاءت إباحة الكفر نصا ، وحسن ذلك في عقولهم ، وبطل قولهم ، والذي نقول به إن الله تعالى لو أباح الكفر الذي هو العقد لكان حسنا مباحا ، وأنه إنما حظر بالشرع فقط وبالله تعالى التوفيق ، ويقال لمن قال : إن كفر المنعم محظور بالعقل . ما تقول في كافر ربى إنسانا وأحسن إليه ، ثم لقيه في حرب أيقتله أم لا ؟ فإن قالوا : لا . خالفوا الاجماع ، وإن قالوا : نعم . نقضوا قولهم في أن كفر المنعم محظور بالعقل ، فإن قالوا : إن قتله شكر له ، كابر ، وإن أقروا بأن قتله الذي هو سبب مصيره إلى الخلود في النار شكر له وإحسان إليه ، وهذا ضد ما ميزه العقل ، وبالله تعالى التوفيق .

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 54
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست