responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 108


وقال أصحاب القياس : إن إجماع الأمة على القياس معصوم من الخطأ بخلاف إجماع سائر الملل لقيام دليل ادعوه في ذلك ، وكما أجمعتم معنا على القطع ببراءة عائشة رضي الله عنها ، وخروج ما قذفت به عن الامكان لقيام البرهان بذلك عند جميعكم وعندنا ، وقد ادعى الروافد منكم هذا في خبر الامام ، فإن وجدنا نحن برهانا على أن خبر الواحد المتصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أحكام الشريعة لا يجوز عليه الكذب ولا الوهم ، فقد صح قولنا وقولهم في أن خبر النبي صلى الله عليه وسلم في الشريعة لا يجوز عليه الكذب والوهم ، وإن لم نجد برهانا على ذلك فهو قولهم ، وقد صح البرهان بذلك ، ولله الحمد على ما نذكره إن شاء الله تعالى .
وأما قول ابن كيسان فباطل لأنه دعوى بلا دليل ، بل الواجب حينئذ البحث عن الخبر الواهي والمنسوخ حتى يعرف فيجتنب ، وإلا فالعمل واجب ، لان الأصل وجوب العمل بالسنن حتى يصح فيها بطلان أو نسخ ، وإلا فهي على البراءة من النسخ ومن الكذب والوهم حتى يصح في الخبر شئ من ذلك فيترك لقول الله تعالى : ( أطيعوا الله الرسول ) ولقوله تعالى ( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ) ولقوله تعالى : ( لتبين للناس ما نزل إليهم ) وقد علمنا أن في القرآن آيات منسوخة بلا شك لقوله تعالى ( ما ننسخ من آية أو ننساها نأت بخير منها أو مثلها ) وقد اختلف العلماء فيها ، فطائفة قالت في آية إنها منسوخة وطاقة قالت : ليست منسوخة بل هي محكمة فما قال مسلم قط لا ابن كيسان ولا غيره إن الواجب التوقف عن العمل بشئ من القرآن من أجل ذلك ، وخوفا أن يعمل بمنسوخ لا يحل العمل به ، بل الواجب العمل بكل آية منه حتى يصح النسخ فيها فيترك العمل بها . وقول ابن كيسان يوجب ترك الحق يقينا ولا فرق بين ترك الحق يقينا وبين العمل بالباطل يقينا ، وكلاهما لا يحل ، فقد تعجل ابن كيسان لنفسه الذي فر عنه وأشد منه ، لأنه ترك الحق يقينا خوف أن يقع في خطأ لعله لا يقع فيه ، وهذا كما ترى .

اسم الکتاب : الإحكام في أصول الأحكام المؤلف : ابن حزم    الجزء : 1  صفحة : 108
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست