اسم الکتاب : موسوعة مصطلحات الفلسفة المؤلف : جيرار جهامى الجزء : 0 صفحة : 2
المقدّمة
هناك تحوّل ولّدته الفلسفة يوم دخلت بين ثنايا الفكر العربي و
الإسلامي عموما، و خرّجه المصطلح الفلسفي إبّان تطويره الاصطلاح اللغوي خصوصا. صبغ
هذا المصطلح العلوم على أنواعها: نقلية كانت أم عقلية، إنسانية أم لسانية. تمّ ذلك
في مجالات الطبيعيات، و النفسانيات، و المنطقيات، و الإلهيات، فضلا على العلوم
البحتة أصيلة و دخيلة. و هذا دليل ساطع على شمولية هذا المصطلح لمختلف ميادين
الفكر النظري و السلوك العملي، على الصعيدين الفردي و الجماعي. في هذا المنحى
بالذات ذكر هردر (Herder(
أن اللغة ليست أداة للفكر فحسب، إنما هي أيضا القالب الذي يتشكّل فيه الفكر و
ينظّم تجربة الجماعة و حياة المجتمع. نعم إن اللغة تعيد حقا تأطير الأفكار، و
التجارب الحسية، و الوقائع الوجدانية على نحو يتلاءم مع معقولات الذهن و هواتف
القلب المتجسدين في اللسان.
و هكذا قيّض للعرب بواسطة الحكمة الفلسفية، وفقا للتقليد اليوناني،
أن تتم لهم أشرف المعارف عن طريق الفلسفة الأولى ابتداء، و التي عرّفها أرسطو
بأنها معرفة العلل الأولى و الجواهر للكشف عن طبيعة العلل الثواني و الأغراض
الذاتية. بلوروا ذلك المكنوز بأشرف الوسائل المعرفية، عنينا المنهجيات الفلسفية و
المنطقية من عمليات إذتهان و تجريد عبر التوارد بين الأفكار و الصور و التخصيص و
التعميم. و قد استعملوا لهذا الغرض مصطلحات غطّت ميادين التجربيات و الحدسيات و
الذهنيات، لا سيما علاقات تعيّن الكليات في الأشخاص و المثالات التابعة لها في
النفس.
حرّروا ذلك بواسطة قوانين المنطق الصوري و الطبيعي، الاستنباطي و
الاستقرائي. إن هذه الحكمة الفلسفية خوّلت الفكر العربي باتجاهاته العلمية و
العملية، الحسية و العقلية، الطبيعية و الماورائية، أن يجد في اللغة الفلسفية صيغه
و قوالبه و تراكيبه و دلالاته المختلفة. فاستوعب المستجدّ الثقافي و كيّفه مع
موروثه الحضاري والديني.
لقد تلاقت من خلاله الثقافات والديانات و الأساطير و العلوم و
الفنون، فترجمها اللسان
اسم الکتاب : موسوعة مصطلحات الفلسفة المؤلف : جيرار جهامى الجزء : 0 صفحة : 2