اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 9
اليه فأسبغ القول في غير إفراط و لا إسهاب و لا إملال و لا تزد على
الوجه الواحد من الرأي و دعه يختمر في قلبه و يتردّد في جوانحه فيعلم بتخلّي
مغبّته. و ان رأيت صاحبك لا يكترث لكلامك اذا ورد عليه فاقطعه و أحل معناه الى غير
ما اردته و أخّره الى وقت نشاطه و فراغ باله و ينبغي لمن عني بتعرّف مناقبه و
مثالبه ان يفحص عن أخلاق الناس و يتفقّد شيمهم و خلائقهم و يتبصّر مناقبهم و
مثالبهم فيقيسها بما عنده منها و يعلم انه مثلهم و أنهم أمثاله فانّ الناس أشباه
بل هم سواء كاسنان المشط. فاذا رأى المنقبة الحسنة فليعلم انّ فيه مثلها امّا
ظاهرة و امّا مغمورة فان كانت ظاهرة فليراعها و ليواظب عليها حتى لا تبيد و لا
تضمحلّ و ان كانت مغمورة فليثرها و ليحيها و ليحافظ على استدعائها فانها تجيب
باهون سعي و اسرع وقت. و اذا رأى المثلبة و العادة السيئة و الخلق (r 66(
اللئيم فليعلم ان ميلها راهن لديه امّا باد و امّا كامن فان كان باديا فليقمعه و
ليقهره و ليمته بقلة استعماله و شدّة نسيانه. و ان كان كامنا فليحرسه لئلّا يظهر و
ينبغي للانسان ان يعدّ لنفسه ثوابا و عقابا يسوسها به فاذا حسنت طاعتها و سلس
انقيادها لما يسومها من قبول الفضائل و ترك الرذائل اذا اتت بخلق كريم او منقبة
شريفة اثابها باكثار حمدها و جلب السرور لها و تمكينها من بعض لذّاتها و اذا ساءت
طاعتها و امتنع انقيادها و جمحت فلم يسلس عنانها و آثرت الرذائل على الفضائل و اتت
بخلق لئيم او فعل ذميم عاقبها باكثار ذمّها و لومها و جلب عليها شدّة الندامة و
منعها لذّتها حتى تلين له
2 في سياسة الرجل دخله و خرجه
ان حاجة الناس الى الاقوات دعت كلّ واحد منهم الى السعي في اقتناء
قوته من الوجه الذي الهمه اللّه قصده و سبّب رزقه من وجوه المطالب و سبل المكاسب.
و لمّا كان الناس في باب المعيشة صنفين صنفا مكفيّا سعيه برزق مهنّا سبّب له من
وراثة او جناه [1] و صنفا محوجا فيه الى الكسب ألهم هذا
الصنف التسبّب الى الاقوات