responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 5

(اهل الانسان)

ثم ليعلم ان كل انسان من ملك و سوقة يحتاج الى قوت تقوم به حياته و يبقي شخصه ثم يحتاج الى إعداد فضل قوته لما يستأنف من وقت حاجته و انه ليس سبيل الانسان في اقتناء الاقوات سبيل سائر الحيوان الذي ينبعث في طلب الرعي و الماء عند هيجان الجوع و حدوث العطش و ينصرف عنهما بعد الشبع و الريّ غير معبئ بما افضله و لا حافظ لما احتازه و لا عالم بعود حاجته اليهما بل يحتاج الانسان الى مكان يخزن فيه ما يقتنيه و يحرسه لوقت حاجته فكان هذا سبب الحاجة الى اتخاذ المساكن و المنازل.

فلمّا اتخذ المنزل و احرز القنية احتاج الى حفظها فيه ممّن يريدها و منعها عمّن يرومها. فلو انه أقام على القنية حافظا لها راصدا لطلابها اذن أفناها قبل ان يزيد فيها. فاذا (v 46( اقتنى ثانية عادت حاجته الى حفظها فلا يزال ذلك دأبه حتى يصير في مثل حيز البهيمة التي تسعى الى مرعاها مع حدوث حاجتها. فاحتاج عند ذلك الى استخلاف غيره على حفظ قنيته فلم يصلح لخلافته في ذلك الّا من تسكن نفسه اليه و لم تسكن نفسه الّا الى الزوج التي جعلها اللّه تعالى ذكره للرجل سكنا و كان ذلك سبب اتخاذ الاهل و لما يغشى الاهل بالامر الذي جعله اللّه سببا لحدوث الذرّية و علّة البقاء و النسل حدث الولد و كثر العدد و زادت الحاجة الى الاقوات و إعداد فضلاتها لاوقات الحاجة احتاج عند ذلك الى الاعوان و القوّام و الى الكفاة و الخدّام فاذا به صار راعيا و صار من تحت يده له رعيّة فهذه امور قد استوى في الحاجة اليها الملك و السوقة و الراعي و المرعي و السائس و المسوس و الخادم و المخدوم لان كل انسان محتاج في دنياه الى قوت يمسك روحه و يقيم جسده و الى منزل يحرز فيه ذات يده و يأوي اليه اذا انصرف عن سعيه و الى زوج تحفظ عليه منزله و تحرز له كسبه و الى ولد يسعى له عند عجزه و يمونه‌ [1] في حال كبر و يصل نسله و يحيي ذكره من بعده و الى قوّام و كفاة يعينونه و يحملون ثقله و اذا اجتمع هؤلاء كان راعيا و مسيما و كانوا له رعايا و سوّاما. و كما ان المسيم يلزمه ان يرتاد مصالح سائمته من الكلاء و الماء نهارا و من الحظائر و الزراب ليلا و ان يذكي عيونه في كلائها


[1] يقوم بكفايته‌

اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 5
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست