responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 16

و لا تقصيهم و لا تتفقدهم و لا تهملهم و ترفق بهم و لا تحرجهم فانهم بشر يمسّهم من الكلال و اللغوب و من السآمة و الفتور ما يمسّ البشر و تدعوهم دواعي حاجاتهم و ارادات اجسامهم الى ما في طباع البشر ارادته و الحاجة اليه و طريق اتخاذ الخدم ان لا يتخذ الانسان خادما الّا بعد المعرفة و الاختبار له و الّا بعد سبره و امتحانه فان لم تستطع ذلك فينبغي ان تعمل فيه التقدير و الفراسة و الحدس و التوسّم و ان تضرب عن الصور المتفاوتة و الخلق المضطربة فان الاخلاق تابعة للخلق.

و من امثال الفرس: احسن ما في الذميم وجهه. و ان تجانب ذري العاهات كالعوران و العرجان و البرصان و نحوهم و ان لا تثق منهم بذي الكيس‌ [1] الكثير و الدهاء البيّن فانه لا يعرى من الخبّ‌ [2] و لا يسلم من المكر. و يؤثر اليسير من العقل و الحياء على كثير من الشهامة و الخفّة فاذا فرغ من ذلك فلينظر لايّ امر يصلح الخادم الذي يتّخذه و اي صناعة ينتحل و ما الذي يظهر رجحانه فيه من الاعمال فليسنده اليه و ليستكفه ايّاه و لا ينقلنّ الخادم من عمل الى عمل و لا يحوّلنّه من صناعة الى صناعة فان ذلك من امتن أسباب الدمار و قوى دواعي الفساد. و ما يشبّه من يفعل ذلك الّا بمن يكلّف الخيل الكراب‌ [3] و البقر الإحضار لان لكلّ انسان بابا من المعارف و فنّا من الصناعات قد سمح له به طباعه و أفادته اياه (v 86( غريزته فصار لديه كالسجيّة التي لا حيلة في تركها و الضريبة [4] التي لا سبيل الى مفارقتها. فمتى نقل الانسان الخادم مما قد احسنه و اتقنه و مارسه و لابسه و ألفه و اعتاده الى ما يختاره له برأيه و ينتخبه له بارادته ممّا ينافر طباعه و يضادّ جوهره أفسد عليه نظام خدمته و جبره في طريق مهنته فعاد كالرّيض‌ [5] ثم لا يفيده ممّا نقله اليه بابا الّا بنسيان ابواب ممّا نقله عنه. و متى عاد به الى الامر الأول وجده فيه أسوأ حالا منه فيما نقله اليه‌


[1] الظرف و الفطنة

[2] الخداع‌

[3] يقال كرب الارض كرابا اي أثارها و قلبها للزرع‌

[4] الضريبة الطبع‌

[5] من يكون في اوّل ما يراض‌

اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا    الجزء : 1  صفحة : 16
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست