اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 15
خاذلة ثم يبت العزم فان ذلك أحزم في التدبير و أبعد من ان تذهب ايام
الصبي (r 86(
فيما لا يؤاتيه ضياعا فاذا وغل الصبي في صناعته بعض الوغول فمن التدبير ان يعرض
للكسب و يحمل على التعيّش منها فانه يحصل في ذلك له منفعتان احداهما اذا ذاق حلاوة
الكسب بصناعته و عرف غناها وجداها عظيمين لم يضجّع
[1] في إحكامها و بلوغ أقصاها و الثانية أنه يعتاد طلب المعيشة قبل ان
يستوطئ حال الكفاية فانّا قلّ ما رأينا من ابناء المياسير من سلم من الركون الى
مال ابيه و ما أعدّ له من الكفاية. فلمّا عوّل على ذلك قطعه عن طلب المعيشة
بالصناعة و عن التحلّي بلباس الأدب. فاذا كسب الصبي بصناعته فمن التدبير ان يزوّج
و يفرد رحله [2]
5 في سياسة الرجل خدمه
ان سبيل سياسة الخدم و القوّام من الانسان سبيل الجوارح من الجسد. و
كما ان قوما قالوا حاجب الرجل وجهه و كاتبه قلمه و رسوله لسانه كذلك نقول ان حفدة
الرجل يده و رجله لان من كفاك التعاطي بيدك فقد قام عندك مقامها و من كفاك السعي
برجلك فقد ناب عنك منابها و من حفظ لك ما تحفظه عينك فقد كفاك كفايتها.
فغناء الخدم عنك ايها الانسان كثير و نفع القوّام ايّاك جزيل و
لولاهم لارتج دونك باب من الراحة كبير و لا نسدّ عنك طريق من النعمة مهيع [3] و لاضطررت الى مواصلة القيام و القعود
و الى مواترة الإقبال و الإدبار و في ذلك إتعاب الجسد و هو يعدّ من امارات الخفّة
و دلائل النزق [4] و سبل المهانة و الضّعة و فيه سقوط
الهيبة و ذهاب الرزانة و الركانة و بطلان الأبّهة و طرح السمت و الوقار. و بثبات
هذه الخصال يباين المخدوم الخادم و الرئيس المرءوس فينبغي لك ان تحمد اللّه عزّ و
جلّ على ما سخّر لك منهم و ما كفاك و ان تحوطهم