اسم الکتاب : كتاب السياسة المؤلف : ابن سينا الجزء : 1 صفحة : 12
امّا الهيبة فهي اذا لم تهب زوجها هان عليها و اذا هان عليها لم تسمع
لامره و لم تصغ لنهيه ثم لم تقنع بذلك حتى تقهره على طاعتها فتعود آمرة و يعود
مأمورا و تصير ناهية و يصير منهيّا و ترجع مدبّرة و يرجع مدبّرا و ذلك الانتكاس و
الانقلاب. و الويل حينئذ للرجل ما ذا يجلب له تمرّدها و طغيانها و يجنيه عليه قصر
رأيها و سوء تدبيرها و يسوقه اليه غيّها و ركوبها هواها من العار و الشنار و
الهلاك و الدمار. فالهيبة رأس سياسة الرجل اهله و عمادها و هي الامر الذي ينسدّ به
كل خلّة و يتم تمامه كلّ نقص و ينوب عن كل غائب و يغني عن كل فائت و لا ينوب عنه
شيء و لا يتم دونه امر فيما بين الرجل و اهله. و ليست هيبة المرأة بعلها شيئا غير
إكرام الرجل نفسه (r 76( و صيانة دينه و مروءته و تصديقه وعده و وعيده
امّا كرامة الرجل اهله فمن منافعها ان الحرّة الكريمة اذا استجلت كرامة زوجها
دعاها حسن استدامتها لها و محاماتها عليها و إشفاقها من زوالها الى أمور كثيرة
جميلة لم يكد الرجل يقدر على إصارتها اليها من غير هذا الباب بالتكلف الشديد و
المئونة الثقيلة.
على ان المرأة كلما كانت اعظم شأنا و افخم امرا كان ذلك ادلّ على نبل
زوجها و شرفه و على جلالته و عظم خطره. و كرامة الرجل اهله على ثلاثة اشياء في
تحسين شارتها و شدة حجابها و ترك إغارتها و امّا شغل الخاطر بالمهمّ فهو ان يتّصل
شغل المرأة بسياسة اولادها و تدبير خدمها و تفقّد ما يضمّه خدرها من اعمالها فان
المرأة اذا كانت ساقطة الشغل خالية البال لم يكن لها همّ الّا التصدي للرجال
بزينتها و التبرج بهيأتها و لم يكن لها تفكير الّا في استرادتها فيدعوها ذلك الى
استصغار كرامته و استقصار زمان زيادته و تسخط جملة إحسانه
4 في سياسة الرجل ولده
ان من حقّ الولد على والديه إحسان تسميته ثم اختيار ظئره كي لا تكون
حمقاء و لا ورهاء [1] و لا ذات عاهة فان اللبن يعدي كما
قيل. فاذا فطم الصبي عن الرضاع بدئ بتأديبه و رياضة اخلاقه قبل ان تهجم عليه
الاخلاق اللئيمة و تفاجئه الشيم الذميمة فان الصبي تتبادر اليه مساوئ الاخلاق و
تنثال عليه الضرائب الخبيثة فما