وَ الْوَجْهُ الثَّانِى أَنْ لا يَكُونَ الْمِزَاجُ بَيْنَ الْكَيْفِيَّاتِ الْمُتَضَادَّةِ وَسَطاً مُطْلَقاً، وَ لَكِنْ يَكُونُ أَمْيَلَ إلَى أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ إمَّا فِى إحْدَى الْمُتَضَادَّتَيْنِ اللَّتَيْنِ بَيْنَ الْبُرُودَةِ وَ الْحَرَارَةِ وَ الرُّطُوبَةِ وَالْيُبُوسَةِ، وَ إمَّا فِى كِلَيْهِمَا. لَكِنِ الْمُعْتَبَرُ فِى صِنَاعَةِ الطِّبِّ بِالاعْتِدَالِ وَ الْخُرُوجِ عَنِ الاعْتِدَالِ لَيْسَ هَذَا وَلا ذَاكَ، [1] بَلْ يَجِبُ أنْ يَتَسَلَّمَ الطَّبِيبُ مِنَ الطَّبِيعِىِّ أنَّ الْمُعْتَدِلَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى مِمَّا لا يَجُوزُ أنْ يُوجَدَ أصْلًا، فَضْلًا عَنْ أنْ يَكُونَ مِزَاجَ إنْسَانٍ، أوْ عُضْوِ إنْسَانٍ، وَ أَنْ يَعْلَمَ أنَّ الْمُعْتَدِلَ الَّذِى يَسْتَعْمِلُهُ الأَطِبَّاءُ فِى مَبَاحِثِهِمْ هُوَ مُشْتَقٌّ، لا مِنَ التَّعَادُلِ الَّذِى هُوَ التَّوَازُنُ بِالسَّوِيَّةِ، بَلْ مِنَ الْعَدْلِ فِى الْقِسْمَةِ وَ هُوَ أنْ يَكُونَ قَدْ تَوَفَّرَ فِيهِ عَلَى الْمُمْتَزَجِ بَدَناً كَانَ بِتَمَامِهِ أَوْ عُضْواً مِنَ الْعَنَاصِرِ بِكَمِّيَّاتِهَا وَكَيْفِيَّاتِهَا، الْقِسْطُ الَّذِى يَنْبَغِى لَهُ فِى الْمِزَاجِ الإنْسَانِىِّ عَلَى أَعْدَلِ قِسْمَةٍ وَ نِسْبَةٍ، لَكِنَّهُ قَدْ يَعْرِضُ أنْ تَكُونَ هَذِهِ الْقِسْمَةُ الَّتِى تَتَوَفَّرُ عَلَى الإنْسَانِ قَرِيبَةً جِدّاً مِنَ الْمُعْتَدِلِ الْحَقِيقِىِّ الأَوَّلِ، و هَذَا الاعْتِدَالُ الْمُعْتَبَرُ بِحَسَبِ أَبْدَانِ النَّاسِ أيْضاً الَّذِى هُوَ بِالْقِيَاسِ إلَى غَيْرِهِ مِمَّا لَيْسَ له ذَلِكَ الاعْتِدَالُ، وَ لَيْسَ لَهُ قُرْبُ الإنْسَانِ مِنَ الاعْتِدَالِ الْمَذْكُورِ فِى الْوَجْهِ الأَوَّلِ، يَعْرِضُ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَوْجُهٍ مِنَ الاعْتِبَارَاتِ.
فَإنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَسَبِ النَّوْعِ مَقِيساً إلَى مَا يَخْتَلِفُ مِمَّا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ.
وَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَسَبِ النَّوْعِ مَقِيساً إلَى مَا يَخْتَلِفُ مِمَّا هُوَ فِيهِ.
وَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَسَبِ صِنْفٍ مِنَ النَّوْعِ مَقِيساً إلَى مَا يَخْتَلِفُ مِمَّا هُوَ خَارِجٌ عَنْهُ وَ فِى نَوْعِهِ.
وَ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِحَسَبِ صِنْفٍ مِنَ النَّوْعِ مَقِيساً إلَى مَا يَخْتَلِفُ مِمَّا هُوَ فِيهِ [2]
[1] ط، ج: ذاك. ب، آ: ذلك.
[2] ج: مما هو داخل فى الصنف. آ، ب: مما هو فيه. ط: و هو داخل فى الصنف.