الْجَاذِبَةُ الطَّبِيعِيَّةُ، وَ الأُخْرَى الْجَاذِبَةُ الإرَادِيَّةُ. وَالأُولَى يَتِمُّ فِعْلَهَا بِاللِّيفِ الْمُطَاوِلِ الَّذِى فِى فَمِ الْمَعِدَةِ وَ الْمَرِى ءِ. وَ الثَّانِيَةُ يَتِمُّ فِعْلُهَا بِلِيفِ عَضَلِ الازْدِرَادِ. وَإذَا بَطَلَتْ إحْدَى الْقُوَّتَيْنِ عَسُرَ الازْدِرَادُ بَلْ إذَا لَمْ تَكُنْ بَطَلَتْ إلّا أنَّهَا لَمْ تَنْبَعِثْ بَعْدُ لِفِعْلِهَا عَسُرَ الازْدِرَادُ. أَ لَا تَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَتِ الشَّهْوَةُ لَمْ تَصْدُقْ عَسُرَ عَلَيْنَا ابْتِلاعُ مَا لَا تَشْتَهِيهِ، بَلْ إذَا كُنَّا نُعَافُ شَيْئاً، ثُمَّ أَرَدْنَا ابْتِلاعَهُ فَنَفَرَتْ عَنْهُ الْقُوَّةُ الْجَاذِبَةُ الشَّهَوَانِيَّةُ صَعُبَ عَلَى الإرَادِيَّةِ ابْتِلاعُهُ. وَعُبُورُ الْغِذَاءِ أيْضاً يَتِمُّ بِقُوَّةٍ دَافِعَةٍ مِنَ الْعُضْوِ المُنْفَصِلِ عَنْهُ، وَ جَاذِبَةٍ مِنَ الْعُضْوِ الْمُتَوَجِّهِ إلَيْهِ. وَكَذَلِكَ إخْرَاجُ الثُّفْلِ مِنَ السَّبِيلَيْنِ وَ رُبَمَا كَانَ الْفِعْلُ مَبْدَأَ قُوَّتَيْنِ [1] نَفْسَانِيَّةٍ وَ طَبِيعِيَّةٍ، وَ رُبَمَا كَانَ سَبَبُهُ قُوَّةً وَكَيْفِيَّةً مِثْلُ التَّبْرِيدِ الْمَانِعِ لِلْمَوَادِّ، فَإنَّهُ يُعَاوِنُ الدَّافِعَةَ عَلَى مُقَاوَمَةِ الْخِلْطِ الْمُنْصَبِّ إلَى الْعُضْوِ وَ مَنْعِهِ وَ دَفْعِهِ فِى وَجْهِهِ، وَ الْكَيْفِيَّةُ الْبَارِدِةُ تَمْنَعُ بِشَيْئَيْنِ بِالذَّاتِ، أىْ بِتَغْلِيظِ جَوْهَرِ مَا يَنْصَبُّ وَ بِتَضْيِيقِ [2] الْمَسَامِّ، وَ بِشَىْءٍ ثَالِثٍ هُوَ مِمَّا بِالْعَرَضِ، وَهُوَ إطْفَاءُ الْحَرَارَةِ الْجَاذِبَةِ. وَ الْكَيْفِيَّةُ الْحَارَّةُ [3] تَجْذِبُ بِمَا يُقَابِلُ هَذِهِ الْوُجُوهَ الْمَذْكُورَةَ وَ اضْطِرَارِ الْخَلَاءِ إنَّمَا يَجْذِبُ [4]، أَوَّلًا مَا لَطُفَ، ثُمَّ مَا كَثُفَ، وَ أمَّا الْقُوَّةُ الْجَاذِبَةُ الطَّبِيعِيَّةُ فَإنَّمَا تَجْذِبُ الأوْفَقَ، أَوِ الَّذِى يَخُصُّها فِى طَبِيعَتِهَا جَذْبُهُ، وَ رُبَمَا كَانَ الأَكْثَفُ هُوَ الأوْفَقَ وَ الأَخَصَّ.
[1] ط: مبدأ قوتين. ب: مبدؤه قوتان.
[2] ط، ج: بتضييق. ب: تضييق.
[3] ط: الحارة. ب: الجاذبة.
[4] ط: والكيفية الحارة واضطرار الخلاء انما تجذبان أوْلا ما لطف ثمّ ما كثف واما القوة الجاذبة ....